أولا: بيعة المطرفية للإمام المنصور بالله #
أولًا: بيعة المطرفية للإمام المنصور بالله #
  لما قام الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة # بالدعوة العامة سنة ٥٩٣ هـ، وبايعه علماء عصره، وانتظمت له الأمور، وساس الجمهور، وجاهد الغز حتى أضعف شوكتهم، وقويت شوكته، وألان شدتهم، واشتدت قوته وأمره، وحقق الله على يديه الإنتصارات العظيمة، ولويت على رأسه الألوية والبنود، وقاد العساكر والجنود، وشاع خبره في الأقطار، وسارت دعوته إلى جميع البلدان والأمصار، وسارت بذكره الركبان، وخافت من سطوته وقوته ملوك الزمان، ولان له بأمر الله الشديد، وقرب عليه كل بعيد، وخضعت له البلاد، وطهرها من الأرجاس والفساد، عند ذلك أقبلت مشائخ المطرفية وعلماء هجرهم يسارعون إلى البيعة، ويتسابقون إلى بذل الطاعة، فأقبل أهل هجرة وقش مشائخهم وكبرائهم بقيادة الأميرين محمد بن مفضل العفيف، وأبي الفتح بن محمد العباسي، وهم السلطان محمد بن إسماعيل الشهابي، والفقيه علي بن يحيى البحيري، والشيخ ناصر بن علي العرشي وغيرهم من كبار المطرفية، وأقام الإمام # منهم جماعة وافرة على ولاية بعض البلدان استمالة لقلوبهم، ورجاء لوفائهم وخروجهم عن مذهبهم، وأمرهم بإنفاذ الأوامر الإمامية، وإقامة الجمع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتجييش الجيوش إلى ثغور الجهاد في سبيل الله، وفي بيان ذلك ما يقول الإمام المنصور بالله # في مقصورته:
  فجاءني كل بني مطرف ... تقودهم شيوخهم شمط اللحى
  فبايعوا فقلت هذي توبة ... قد طمست من فعلهم ما قد مضى
  ويقول في أرجوزة أخرى:
  فأقبل الناس إلينا عن يد ... جاهلهم فيما نرى والمهتدي