مشابهة المطرفية للثنوية
مشابهة المطرفية للثنوية
  وإنما قلنا إن هذه المقالة مقالة الثنوية، لأنهم قالوا بصانعين أحدهما: يفعل الخير، والثاني: يفعل الشر، وكل محبوب خير، وكل مكروه منفور عنه شر، وجهلوا في ذلك معاني الحكمة، فمنهم من قال بالنور والظلمة(١)، ومنهم من قال: (بيزدان وإهرمن) ومنهم من قال بثالث وهم المرقونية(٢)، فالذين قالوا بالنور والظلمة قالوا: هذه الآفات والصور المكروهات من فعل الظلمة، والمحبوبات والمشتهيات من فعل النور، وفاعل الخير لا يفعل الشر، وفاعل الشر لا يفعل الخير، وبمثل هذا قالت المطرفية.
  والفرقة الأخرى قالوا: بيزدان وإهرمن، وعبروا عن الباري بيزدان، وعن الشيطان بإهرمن، فقالوا كل محبوب فهو من يزدان، وكل مكروه منفور عنه فهو من إهرمن وهو ا لشيطان عندهم، وإلى مثل هذا المقرى ذهبت المطرفية الضالة الغوية.
إضافة المطرفية الأمراض إلى الشيطان
  فمنهم من ناظرنا على أن الضر الذي أصاب أيوب من فعل الشيطان، واحتجوا بقوله تعالى حاكياً عن أيوب {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ٤١}[ص].
  قلنا: يا جهال البرية، إن الشيطان لا يقدر على فعل الأجسام، ولا توليد القروح بغير
(١) وهم المانوية: منسوبة إلى رجل اسمه - ماني بن واني الحكيم، والمزدكية: منسوبة إلى مزدك، والديصانية: منسوبة إلى ديصان.
(٢) وهم أصحاب يعقوب بن مرقون، قالوا: بإلهية النور والظلمة، وجعلوا لها شيئا ثالثا ليس نورا ولا ظلمة دون الله في النور ودون الشيطان في الطبع.