السابع: هزيمة الغز في محاولتهم حرب ظفار
  الطوامر، وتكامل العسكر من كل جهة عربهم وعجمهم، وزحفوا للقتال، وأرعدوا وأبرقوا، وضربت الطبول، ونفخت البوقات، وارتجت الجبال من رهيج العسكر، وانسدت الأصوات، ونصبوا الشروخ للرمي بها، وتدرعوا، ودنوا للحرب، وتشرعوا للقتال، وأتي بأحمال النشاب على البغال وأكتاف الرجال.
  وتحكم أهل الحصن حول سورهِ، ولم يبدُ أحد منهم، وكان الإمام # قد وصاهم بذلك، وبالغ في الوصية، وأمرهم بترك السب والكف عن الأذية، وأن يجعلوا شعارهم ذكر الله تعالى في حال الحرب، ففعلوا ذلك.
  وما زال القتال عليهم مستمراً إلى قبيل صلاة الظهر، وكان للعرادتين نفع عظيم أبلغ من قتال الناس.
  ولم يقدر أحد منهم أن يبلغ للقتال خوفاً من حجارتها، لأنها بلغت إلى بركة المغربة، وكان الغز أرادوا نصب المنجنيقات عندها، فلما بلغت الحجارة ذلك الموضع، أمروا برد المنجنيقات إلى محطتهم، وكانوا قد حملوها على الجمال وصارت بالقرب من الطوامر، وكان منتهي ما بلغوا إليه بعد الاجتهاد العظيم في الحرب وسط الأكمة التي هي قدام الخندق، وما استطاع أحد منهم الصعود إلى ذروتها.
  وكان معظم قتالهم الرمي بالنشاب والشروخ حتى أفنوا ما معهم، وكان الرماة على ما حكى الشيخ محمد بن الحسن الرصاص - وهو ممن شهد القتال - بالتقدير يزيد على أربعمائة رام، وحكى ذلك غيره، وما راحوا بشيء من النشاب.