المسلك الثاني: في بيان عقائد الزيدية
  منصرفكم وأنتم منصرفون ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ولا إليها مضطرين)، فقال الشيخ: كيف والقضا والقدر ساقانا؟ قال: (ويحك لعلك ظننت قضاء لازماً، وقدراً حتماً، لو كان ذلك كذلك، لبطل الثواب والعقاب، والوعد والوعيد، والأمر والنهي، ولم يأت من الله لائمة لمذنب، ولا محمَدَةٌ لمحسن، ولم يكن المحسن أولى بالمدح من المسيء، تلك مقالة عبدة الأوثان، وجنود الشيطان، وشهود الزور، وأهل العمى عن الصواب، وهم قدرية هذه الأمة ومجوسها، إن الله تعالى أمر تخييراً، ونهى تحذيراً، وكلَّفَ يسيراً، ولم يُعْصَ مغلوباً، ولم يُطَعْ مُكْرِهَاً، ولم يرسل الرسل إلى خلقه عبثاً، ولم يخلق السموات والأرض وما بينهما باطلاً، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار) فقال الشيخ: فما القضا والقدر اللذان ما سرنا إلاَّ بهما؟ قال: هو الأمر من الله والحكم، ثم تلا {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}[الإسراء: ٢٣]، فنهض الشيخ مسروراً وهو يقول:
  أنت الإمام الذي نرجوا بطاعته ... يوم الحساب من الرحمن رضوانا
  أوضحت من ديننا ما كان ملتبساً ... جزاك ربك عنا فيه إحسانا
  فانظر إلى هذه الأخبار والآثار التي صرحت بذمهم، والنهي عن مجالستهم، والحكم بأنهم شهود إبليس، وخصماء الرحمن، وشبههم بالمجوس، فلنقف مع كل وصف من هذه الأوصاف، ولنعرضهم عليه في أقوالهم وأفعالهم:
  فأما الذم: فهم أضافوا إلى الله تعالى كل قبيح من ظلم وعبث وسفهٍ، وتكليف ما لا يطاق، والإضلال عن الدين ونحو ذلك مما لو نسبته لأحدهم لأنف منه ونفاه عن نفسه.