المسلك الثاني: في بيان عقائد الزيدية
  وأما النهي عن مجالستهم: فالسبب في ذلك أن مجالستهم فيها من مفاسد كثيرة:
  منها: أنهم يُغْرُون بالمعاصي ويسهلونها بقولهم ما قدره الله كان وما لم يقدره لم يكن، فلا وجه للصبر عن المعصية والتحفظ منها.
  ومنها: أنهم يؤيسون من رحمة الله وعدله لتجويزهم أنه يعذب من غير ذنب، وأنه خلق خلقاً للنار، فلا تنفعهم الطاعة، وآخرين للجنة فلا تضرهم المعصية، فلا تسكن نفس مطيع بطاعة ولا تخاف نفس عاصٍ من معصية، كما سنذكر ذلك قريباً إن شاء الله تعالى.
  ومنها: أنهم أساءوا الثناء على الله تعالى بقولهم: كل قبيح وفساد من قبله، وأحسنوا الثناء على العصاة بقولهم: لا حيلة لهم في الإبتعاد عن المعصية، ولا قدرة لهم على دفعها عن أنفسهم.
  وأما كونهم شهود إبليس وخصماء الرحمن: فلأن الله تعالى إذا قال لإبليس ما منعك أن تسجد، ولم كفرت فتقول: أنت يا رب منعتني من السجود، وقضيت علي بالكفر، فهو منسوب إليك ونسبته إليّ كذب لا صحة له ولا حجة لك عليّ، فإذا قال الله تعالى يوم القيامة له: من شاهدك على هذا؟ فلا يجد شهوداً إلا المجبرة القدرية أهل هذه المقالات الضالة.
  وأما مشابهتهم للمجوس فمن وجوه:
  منها: أن المجوس يقولون: أحد الإلهين يقدر على الخير ولا يقدر على الشر، والآخر بالعكس، والمجبرة يقولون: الكافر يقدر على الكفر ولا يقدر على الإيمان والمؤمن بالعكس.