المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

مسائل الصلاة

صفحة 104 - الجزء 1

  قلت: فكيف يعمل الإمام وقد تفرق الناس؟

  قال: يعلمهم كل ما صلى ويقول: إني قد صليت يوم كذا وكذا الفجر أو الظهر أو الصلاة التي صلاها، فمن صلى معي فليعد الصلاة ويعلم الشاهد منكم الغائب.

  قلت: فهل تجوز الصلاة في جوف الكعبة؟

  قال: قد كره ذلك قوم، وما الصلاة إلى جدرها في جوفها إلا كالصلاة إلى جدرها من خارجها، وإنما كره ذلك من كرهه⁣(⁣١) لأنه أحب⁣(⁣٢) أن تكون الكعبة كلها بين يديه، ولا يكون وراءه منها شيءٌ، والقليل منها والكثير يجزي إذا كان وجه المصلي إليها كما أمره الله، ألا تسمع كيف ذكر الله الصلاة إلى البعض كما ذكر الصلاة إلى الكل حيث يقول: {وَحَيۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥۗ}⁣[البقر: ١٤٤]، يريد جانباً منه حيث وليتم من الجوانب وكان تجاهكم من نواحي الكعبة أي ناحية كانت أجزت، ولو كان فرضاً أن يكون كلها أمامه لم تتم صلاة مصل صلى إلى بعضها دون بعض، ولما تمت لمصل صلاة إلا أن المصلي إليها لا يقدر أن يجعلها كلها بين عينيه، ولا بد أن يكون بين عينيه وتجاه وجهه منها جانب، وليس الصلاة إلى جانب منها في جوفها إلا كالتوجه خارجاً منها إلى بعضها، ولا بد أن يكون عن يمين المصلي إليها بعضها وعن شماله بعضها، وليس كينونة بعضها عن يمينه وعن شماله إلا ككينونة بعضها من ورائه.

  قلت: فإن الإمام صلى بالناس بمكة في المسجد الحرام فقام عند مقام إبراهيم # وصف⁣(⁣٣) الناس بالمسجد حَلَقَة، هل يجوز ذلك وإن كان بعضهم مقابلاً له؟

  فقال: قد رأينا الناس يصلون حلقاً من حوالي الكعبة والإمام وراء المقام فمنهم من هو مواجه له، ومنهم من الكعبة بينهم وبينه، وهم على ذلك قديماً وحديثاً،


(١) جاء كره من كرهه. نخ (٥).

(٢) اختار. نخ (٥).

(٣) فصف. نخ (٥).