مبتدأ مسائل الزكاة
  قال: نعم إنما أراد رسول الله ÷ بقوله: لا يفرق بين ما جمعه الملك، مثل ما ذكرت من الرجل الذي له غنم كثيرة على جماعة رعاة والملك واحد لصاحب الغنم، فلا ينبغي للمصدق أن يفرق بين هذا؛ لأن مالكه واحد؛ لأنه لو فرقه ترك ما أوجب الله ø؛ ألا ترى أنه لو كان لرجل أربعون شاة مع راعيين، مع كل واحد عشرون، ثم لم يجمع المصدق ذلك، أبطل الزكاة عن صاحب الأربعين شاة، والزكاة واجبة عليه؛ لأنه يملك الأربعين كلها، فهذا معنى قوله: «لا يفرق بين مجتمع»، أراد به ÷ ما جمعه الملك لم يفرق، وأما قوله: «لا يجمع بن مفترق»، فإنما أراد به ÷: لا يجمع بين ما فرقه الملك.
  قلت: بين لي ذلك(١)، كما بينت لي الأولى؟
  قال: نعم، لو أن لعشرة رجال مائة شاة مع راع واحد، لكل واحد منهم عشر شياه، لم يجب للمصدق أن يأخذ منها شيئاً؛ لأن الملك قد فَرَّقها، فلا ينبغي للمصدق أن يجمع ما فرقه الملك. [وهذا الذي عنى به رسول الله ÷: «أنه لا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين مفترق»](٢).
  قلت: فإن رجلاً مات وخلف مائة شاة، وله ثلاثة بنين، فلم يقسموها حتى حال الحول، ما يعمل المصدق فيها؟
  قال: يأخذ منها شاة.
  قلت: وكيف ذلك، وقد فرقها الملك؟
  قال: الملك بعد مجتمع ما لم يقتسم(٣)؛ ألا ترى أن كل واحد منهم لا يدري ما له من أعيان هذه الغنم.
  قلت: وكذلك إن مكث في أيديهم عشر سنين لم يقتسموها، ثم نقصت حتى
(١) هذا. نخ (٥).
(٢) ما بين المعقوفين غير موجود في نسخة (٥).
(٣) يقسم. نخ (٥).