المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[المقدمة]

صفحة 39 - الجزء 1

  الجمع والأعياد، وينفذ فيها الأحكام، واختلفت في غير ذلك؛ فقال قوم: لا يجوز أن يكون هذا الإمام إلا قرشياً كائناً من كان من قريش لقول رسول الله ÷: «الأئمة من قريش»، وقال آخرون: بل يجوز أن يكون الإمام من سائر الناس إذا كان ورعاً مسلماً لم ينظر إلى نسبه، فبدأنا بأهل هذه المقالة الذين زعموا⁣(⁣١) أن الإمامة جائزة في أفناء⁣(⁣٢) الناس فقلنا لهم: من أين قلتم بهذا القول؟ أمن كتاب ناطق، أم من إجماع الأمة عن الرسول ÷، أم من شواهد العقول؟ فهذه الثلاثة الوجوه التي لا يخرج الحق إلا منها.

  فإن ادعوا أن ذلك في الكتاب طالبناهم بما ادعوا، فلا يجدون ذلك. وإن ادعوا⁣(⁣٣) أن ذلك بإجماع الأمة أبطلوا قولهم؛ لأن غيرهم قد قال: الأئمة من قريش.

  وإن قالوا: شواهد العقول تدل على أن الإمامة تجوز في سائر الناس أبطلوا [قولهم]⁣(⁣٤)؛ لأنه⁣(⁣٥) لو جازت في سائر الناس جاز أن يكون الناس كلهم أئمة، ولو كان الناس كلهم أئمة لبطل الأمر والنهي والحدود والأحكام التي جاءت في الكتاب.

  ثم نقول⁣(⁣٦) لهم: إنكم قد أقررتم لخصمائكم بقولكم: إن الإمامة جائزة في سائر الناس، وخالفكم في ذلك جميع الأمة؛ لأن المرجئة والعامَّة والشيعة بأسرها لا يقرون لكم بشيء من ذلك، وأنتم مقرون لهم جميعاً بما قالوا؛ لأنكم قلتم: إن الإمامة جائزة في جميع الناس، وقريش من جميع الناس، فأقررتم لهم بقولهم، وخالفوكم في قولكم؛ لأن قريشاً داخلة في سائر الناس الذين أقررتم لهم، وليس


(١) يزعمون. نخ.

(٢) الأفناء من الناس: الأخلاط لا يدرى من أي قبيلة هم.

(٣) زعموا. نخ.

(٤) من نسخة (٣).

(٥) لأنها. نخ.

(٦) يقال. نخ.