المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب بيع تراب المعدن وتراب الصاغة بالذهب

صفحة 399 - الجزء 1

  قلت: ولم لا يجوز والسيف حديد ومعه فضة، والمصحف ورق ومعه فضة وخشب، وكذلك العتيدة والمجمرة يدخل⁣(⁣١) فيهما شيء من الغراء والخشب؟

  قال: لأنه لا يؤمن أن يكون حلية السيف أو حلية المصحف بأكثر مما اشتري به من الفضة أو بأقل، ويكون الحديد والورق بأقل مما يفضل من ثمن السيف أو يزيد، فإذا كان ذلك كذلك فسد؛ لأن الفضة بالفضة مثل بمثل.

  قلت: فكيف يصح البيع في مثل هذا؟

  قال: تقلع الحلية، ثم يشترى بالذهب، ويشترى السيف والمصحف بثمن معروف.

  قلت: وكذلك لو اشترى قلادةً من ذهب مفصلة باللؤلؤ جزافاً بكذا وكذا ديناراً؟

  قال: لا يجوز ذلك، وكذلك بلغنا عن رسول الله ÷ أنه أمر رجلاً اشترى قلادة يوم خيبر مرصعة بالذهب فيها جوهر معلق بالذهب أن يميز بين جوهرها وبين الذهب ويقلعه منه حتى يعرف ما فيها فيشتريه بوزنه من الذهب، فقال: إنما اشتريت الحجارة بالفضلة بين الوزنين، فقال: «لا حتى يميز بينهما» فلم يتركه حتى ميز بينهما.

باب بيع تراب المعدن وتراب الصاغة بالذهب

  قلت: فإن رجلاً اشترى من صائغ ترابه الذي يجتمع عنده بدينارٍ أو بأكثر أو بأقل جزافاً، وكذلك لو اشترى من المعدن الذي يخرج منه الذهب تراباً جزافاً بذهب مسمى؟

  قال: لا يجوز شيء من ذلك؛ لأنه لا يعلم ما في التراب من الذهب.

  قلت: فإنه اشترى ذلك بفضةٍ؟

  قال: هذا بيع غرر، للمشتري عند بيان ما يخرج منه الخيار، إن شاء أخذ وإن شاء ترك.


(١) فدخل. نسخة (١، ٢).