المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب معرفة الأصول

صفحة 48 - الجزء 1

باب معرفة الأصول

  فكان أول ما سألته عنه أن قلت له: أيها الإمام رضي الله عنك، ما تقول في أول ما افترض الله على خلقه، ما هو؟

  فقال: أول ما افترض الله على خلقه معرفته.

  قلت: وما أصل معرفته؟

  قال: أصل معرفة الله توحيده.

  قلت: وما كمال معرفة توحيده؟

  قال: نفي جميع صفات التشبيه له.

  قلت: فبين لي كيف نفي التشبيه عن الله بكلام موجز مختصر؟

  قال: نعم إن شاء الله، اعلم - وفقك الله - أنه لم يتوهم المتوهمون ولم يتمثل في عقولهم مثل صفة ذات الله إلا كان الله بخلاف ذلك الذي يتوهمه المتوهمون، أو يتمثل في عقولهم، والشاهد بذلك والدال عليه قول الله تبارك وتعالى: {لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ ١١}⁣[الشورى]، فافهم هذا، فلك فيه كفاية.

  قلت: ثم ما بعد هذا؟

  قال: أن تعلم أنه العادل في جميع أفعاله.

  قلت: ثم ما بعد هذا؟

  قال: أن تعلم أنه لا يخلف الوعد والوعيد، فهذه الكلمات تفرع لك جميع ما تحتاج إليه من معرفة ربك، فافهمها وتدبرها.

  قلت: قد فهمت، فما بعد هذا؟

  قال: معرفة إثبات النبوءة، من أين ثبتت.

  قلت: فبين لي ذلك؟

  قال: اعلم أن الله ø لما خلق الخلق جعل فيهم عقولاً هي الحجج له عليهم، ركبها فيهم، ودلهم بها عليه، بآثار صنعه فيهم وفي جميع ما خلق، ولم يكن