المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب معرفة الأصول

صفحة 49 - الجزء 1

  ø مشافهاً لهم فيما أراد من الأمر والنهي؛ لأن المشافهة ليست من صفاته، فكان الخلق محتاجين مضطرين إلى من يشافههم بما أراد الله منهم؛ فلما علم الله ذلك من حاجة الخلق، وأنه لا بد لهم ممن يشافههم، ويقيم الأحكام فيهم - أرسل الأنبياء حججاً عليهم، ولو لم يرسل الرسل لكان للخلق حجة، كما قال الله تبارك وتعالى؛ لعلمه بمنابذة المنابذين وكلام المتعنتين: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ}⁣[النساء: ١٦٥]، ولقولهم هم: {مَا جَآءَنَا مِنۢ بَشِيرٖ وَلَا نَذِيرٖۖ}⁣[المائدة: ١٩]، فأرسل الله تبارك وتعالى رسله حججاً على خلقه، لما علم من حاجة الخلق إليهم، وأنهم لا بد لهم منهم، فهذا لك فيه كفاية.

  قلت: قد فهمت إثبات النبوءة، فما بعد ذلك؟

  قال: معرفة الأئمة والقول بهم، ومن أين ثبتت الإمامة.

  قلت: بين لي ذلك؟

  قال: نعم، إن الإمامة موصولة معقودة بالتوحيد والنبوءة.

  قلت: بين لي ذلك، وأوجزه لي في كلام يسير حتى أفهمه؟

  قال: قد قدمت لك جواب ذلك، أن الله تبارك وتعالى لما خلق خلقه ركب فيهم عقولاً، ولم يكن مشافهاً لهم [أصلاً]⁣(⁣١)، فاحتاج الخلق إلى من يشافههم، فأرسل الرسل فكانت الرسل حججاً، ثم من بعد الرسل الإمام الذي يقوم مقام الرسول المختومة به الرسل، لا يجهل من أفعاله وأحكامه شيئاً، فمن كان بعد الرسول ÷ بهذه الصفة فهو الإمام، وقد شهدت الأمة بأسرها فيما نقله الناقلون من الأخبار أنه لم يكن بعد رسول الله ÷ بهذه الصفة إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضوان الله عليه.

  قلت: وكيف شهدت الأمة بأسرها لعلي بذلك؟


(١) من نسخة (٥).