المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب الدعوى والبينات

صفحة 492 - الجزء 1

  قال: يقلعها من أرض الغاصب ويأخذها إلى حيث شاء، وقد قال غيرنا: إنه لا يجب ذلك؛ لأنه اغتصبها صغيرة فلما سقاها وغذاها حتى كبرت كان مستهلكاً، وليس هو عندنا كذلك، وما هذا عندي إلا كرجل اغتصب جدياً صغيراً فكبر عنده حتى صار تيساً، أو ولد بقرة صغيراً فصار عنده ثوراً، فكل ذلك يجب لصاحبه أن يأخذه؛ لأنه من اغتصب صغيراً أخذ منه كبيراً، ومن اغتصب هزيلاً أخذ منه سميناً.

  قلت: فإنه اغتصبه سميناً فهزل عنده؟

  قال: ليس لصاحبه شيء فيما نقص من جسمه، ولا يأخذه إلا كما وجده، فافهم هذا وقس عليه.

  قلت: فما تقول في غلة النخلة؟

  قال: يحكم لصاحب النخلة بغلتها مذ يوم اغتصبها المغتصب.

باب الدعوى والبينات

  وسألته عن رجل ادعى على رجل ديناً أو حقاً من الحقوق، على من البينة؟

  قال: على المدعي البينة، وعلى المنكر اليمين.

  قلت: فإن نكل المنكر عن اليمين، هل يلزمه الحق الذي ادعى عليه الرجل؟

  قال: نعم، النكول عن اليمين عندي إقرار بالحق فيلزم الذي نكل ما ادعى عليه صاحبه.

  قلت: فإنه لما نكل وأوجب عليه الحاكم الحق قال: أنا أحلف ما لهذا المدعي علي حق، هل يستحلف بعد نكوله، أم لا يلتفت إلى قوله ويلزم الحق؟

  قال: يستحلف بعد النكول؛ لأنه يجب على الحاكم أن يعظه ويذكره بالله فيما يجب عليه من الحق، فإن أبى إلا أن يحلف أحلف.

  قلت: فإنه لم ينكل، وحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما عليه للمدعي حق، ثم أتى المدعي عليه ببينة عدول، فشهدوا أن للمدعي هذا الحق الذي ادعاه ثابتاً قاراً، هل يقبل الحاكم هذه البينة؟