باب الدعوى والبينات
  وسألته عن رجل كان بينه وبين رجل مطالبة ودعوى، وظن الرجل أن ذلك لا يجب له، فصالح فيه بصلح وكتب عليه في ذلك كتاب يراه، ثم سأل بعد ذلك الفقهاء، فإذا هو يجب له الذي ظن أنه لا يجب له، هل للرجل أن يرجع في ذلك بعد هذا الصلح؟
  فقال: إن كان جاهلاً ولم يعلم أنه يجب له أحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما علم أن هذا شيء كان يجب له، ثم يرجع في المطالبة ولم يبطل حقه بجهله.
  وسألته عن رجل ادعى على رجل ألف درهم، فقال له الحاكم: أثبت على ذلك بينة، فأتى بشاهدين، فشهد أحدهما بالألف على الرجل، وشهد الآخر بخمسمائة على الرجل، كيف العمل في ذلك؟
  قال: لا يثبت على المدعى عليه من ذلك شيء؛ لأنه لم يشهد له شاهدان بمعنى واحد، ولا نقول في ذلك كما قال غيرنا: إنهما اجتمعا على الخمسمائة وتلزم المدعى عليه؛ لأن الخمسمائة داخلة في الألف، وكيف يكون على ما قالوا ولم يشهدا بشهادة(١) كاملة، وشهد كل واحد منهما بضد ما شهد به صاحبه.
  وسألته عن رجل ادعى على رجل ميت ديناً، فأقر رجل من الورثة بالدين الذي ادعاه المدعي، هل يكون الرجل بمنزلة شاهد أم يلزمه في نصيبه من دعوى المدعي بقدر سهمه من ميراثه؟
  قال: ليس هذا بمنزلة شاهد، ويلزمه في نصيبه بقدر ما شهد به.
  قلت: فإن الذي أقر رجلان من الورثة - ورثة الميت - هل يكونان بمنزلة شاهدين على جميع الورثة أم على أنفسهما؟
  قال: هذان اللذان أقرا إذا كان عفيفين كانا بمنزلة شاهدين على جميع الورثة، ويحكم بشهادتهما للمدعي بما ادعى.
(١) بشهادته. نخ (١).