باب القول في غلام وجارية أرضعتهما مرضع بلبن ولدين لها مختلفين بينهما في الميلاد سنتان أو أكثر
  فإن قال السائل المتحير أو سأل المتعنت المتجبر فقال: فإذا كان ذلك قولكم، وإليه وعليه مذهبكم، فأوجدونا تحريم ما حرمتم، وتصحيح ما به من ذلك قلتم، من تحريم الجمع بين العمة وبنت أخيها، والخالة وبنت أختها في الكتاب المنزل، أو فيما أجمع عليه عن النبي المرسل؟
  قلنا له وأجبناه، وأثبتنا له الحجة في ذلك وعرَّفناه فقلنا: كل ذلك ولله الحمد فموجود في الكتاب والسنة غير مفقود ولا منقطع الحجة؛ ألا تسمع أيها السائل عما سألت عنه من القول، الطالب لبرهان مسألته في كتاب ذي العزة والطول، قول الله سبحانه وجل عن كل شأن شأنه: {وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ}[لحشر: ٧]، فأوجب بذلك قبول قول رسول الله ÷ واتباع ما جاء به عنه من أموره، ثم وجدنا رسول الله ÷ قد أوجب على كل مسلم حق خاله وخالته، وعمه وعمته، فأقام العم مقام أبيه وأقام الخال مقام أمه، وفي ذلك ما أجمع عليه جميع أهل الإسلام من قوله ÷: «العم والد والخال والد»، فجعل حالهما في حكمه وحقهما في قوله كحق الوالدة والوالد، وأوجب للخالة على ولد أختها من الحق ما يقارب حق والدته، وأوجب بذلك للعم والعمة على ولد أخيهما من الحق ما يقارب حق أبيه؛ فلما أن جعل ÷ حقوقهما عند أولاد إخوتهما كحق الوالدين في تعظيم الحرمة وجليل الكرامة لم يجز الجمع بين ما حكم رسول الله بأن محله محل الوالد وبين ما حكم بأنه منه محل الولد فمنعنا من أراد الجمع بين هاتين المرأتين بنت الأخ وعمتها من جمعهما؛ لقول رسول الله ÷ فيهما: «العم والد والخال والد»، وكذلك منعنا من أراد الجمع بين الخالة وبنت أختها لقول رسول الله ÷: «الخال والد»، وسواء قال: الخال أو الخالة، وقال: العم أو العمة - معناهما واحد وسببهما مؤتلف في لفظه، وما لزم الخال من الحكم لزم الخالة، وما لزم العم من ذلك لزم العمة، فكان قوله #: «العم والد» تحريماً منه للجمع بين العمة وبنت أخيها كما حرم الله نكاح البنت على أمها، وكذلك القول في