المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب تسمية أوقات الصلوات في كتاب الله وعددها

صفحة 72 - الجزء 1

  أجمعوا جميعاً عن رسول الله ÷ أنه قال: «أَمَّنِي جبريلُ عند البيت، فصلى بي الظهر حين زالت الشمس فكانت بقدر الشراك، ثم صلى بي العصر حين كان ظل كل شيء مثله، ثم صلى بي المغرب حين أفطر الصائم، ثم صلى بي العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم». قال: «ثم صلى بي الغد الظهر حين كان ظل كل شيء مثله، ثم صلى بي العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، ثم صلى بي المغرب حين أفطر الصائم، ثم صلى بي العشاء في ثلث الليل الأول، ثم صلى بي الفجر فأسفر، ثم التفت إلي [جبريل]⁣(⁣١)، فقال لي: يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك، الوقت فيما بين هذين الوقتين».

  روى هذا الحديث من أهل العراق أبو بكر بن أبي شيبة وغيره، ورواه عبد الرزاق عن سفيان الثوري، وابن أبي سبرة عن عبد الرحمن بن الحارث، قال: حدثني حكيم بن حكيم⁣(⁣٢)، عن نافع بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله ÷.

  وقد جاء هذا الحديث من وجوه شتى لم نذكرها لئلا يطول الكلام، فروى القوم هذا الخبر مجملاً، ولم ينظروا فيه نظراً شافياً حتى يتبين لهم فيه مواقيت الصلوات، فافهم ما سألت عنه، وفَرِّغْ ذهنك له يتبين لك إن شاء الله ما أذكر لك من شرح هذا الخبر في أوقات الصلاة؛ لأنه الأصل المعمول عليه عندهم.

  واعلم وفقك الله أنه لما صح هذا الخبر عن رسول الله ÷ أنه صلى الظهر في أول يوم حين زالت الشمس، وصلى العصر وظل كل شيء مثله، ثم صلى من الغد الظهر وظل كل شيء مثله، وصلى العصر وظل كل شيء مثلاه - علمنا أنه قد صلى في أول يوم العصر في وقت صلاة الظهر التي صلاها من الغد، فأجاز ÷ بفعله هذا صلاة الظهر في وقت صلاة العصر، وصلاة العصر في وقت صلاة الظهر؛ لأنه


(١) ما بين المعقوفين من نسخة (٥).

(٢) حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف الأوسي، عن نافع بن جبير، وعنه عبدالرحمن بن الحارث قال مولانا: صدوق وعَدَّه ابن حبان في الثقات احتج به الأربعة. اهـ (الجداول الصغرى).