تفسير قول رسول الله ÷: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»
  لأنها بنت ابن عمه أو بنت بنت عمه وليس نسب الجد بمحرم لبعض أولاد أولاده إلا من طريق ما ذكرنا من كراهية رسول الله ÷ ونهيه عن الجمع بين الخالة وبنت أختها والعمة وبنت أخيها، وإنما ذلك منه ÷ تعظيم لحق العمة على بنت أخيها والخالة وبنت أختها لذوي أرحامها من الولد.
  وفي ذلك ما يقول رسول الله ÷: «العم والد والخال والد»، فلما أن كانا عنده ÷ لبنات أخويهما كجهة والديهما كره لبنت الأخ الدخول على عمتها والمشاركة في زوجها، وكره لبنت الأخت الدخول على خالتها والمنازعة لها في بعلها؛ استبقاء منه لصلة أرحامهما، وخشية منه ÷ للقطيعة بينهما، وإنما نهينا وكرهنا ومنعنا من جمع بنت الأخت مع خالتها وبنت الأخ مع عمتها للمعنى الذي كرهه رسول الله ÷ من قطيعة الرحم بينهما، فكرهنا ما كره وحظرنا ما حظر، ومنعنا ما منع من الجمع بين ذوي الأرحام المشتبكة المتواشجة من هاتين المرأتين بنت الخالة وبنت أختها من بطنها والعمة وبنت أخيها من صلبه؛ فأما من لا رحم بينه وبينها ممن أرضعه أخو الزوجة أو أخته فلا شك ولا لبس عند من عقل وفهم شيئاً من الحلال والحرام فضلاً عن الكثير من شرائع الإسلام أن نكاحها حلال، وهذا معنى لا يلتبس فهمه ولا صحة القول فيه على جاهل مفكر فضلاً على عالم مدبر، وإنما تلتبس هذه المعاني على قلب من لم تلتط به الحكمة، ولم تتم له في ذلك من الله في ذلك النعمة، ولم يستوجب منه سبحانه بالاهتداء إلى أمره الزيادة في هداه وعلمه، فهو يتوهم بجهله أنه محيط بما يحتاج إليه من علمه، فخبط في فعله وتجبر في قوله، إن سئل لم يجب من صادق من فهمه، وإن تكلم لم يصب الحق في قوله، يحسب السماء أرضاً، ويحسب الطول عرضاً، ما حضر على قلبه من رأي قاله، وما طن في أذنه من مقال أماله، فهو لكل في قوله تابع، ومن كل متكلم سامع، فادعاؤه للعلم باطل وزور، وقوله فيه فاسد مبتور، فافهم هديت هذه المعاني التي ذكرناها، وفكر في الوجوه التي شرحناها، وميز ما بين الأسباب التي وضعناها، من القول في