المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

مسائل الصلاة

صفحة 81 - الجزء 1

  قال: لا أحب له إذا كان هو المرتفع وكان القذر أسفل أن يصلي في ذلك الموضع.

  قلت: فإن القذر كان على ارتفاع من الأرض وكان هو أسفل من ذلك؟

  قال: نعم، يجوز له الصلاة؛ لأنه يستقبل طهارة⁣(⁣١) والقذر مرتفع عنه في معزل.

  قلت: فإذا توجه الرجل فاستقبل القبلة، بأي شيء يبدأ؟

  قال: بالاستعاذة، ثم يفتتح، ثم يكبر من بعد الافتتاح.

  قلت: فبأي شيء يفتتح؟

  قال: قد روي في ذلك روايات كثيرة مختلفة متضادة، وإنما قلت: متضادة لأن المختلفين رووا في الافتتاح كلاماً ليس هو من القرآن، فلم يلتفت إلى رواياتهم لما خصنا الله به من معرفة غوامض كتابه، فكان الذي ندبنا الله إليه من الافتتاح أمره لمحمد ÷ حيث يقول: {وَلَا تَجۡهَرۡ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتۡ بِهَا وَٱبۡتَغِ بَيۡنَ ذَٰلِكَ سَبِيلٗا ١١٠}⁣[الإسراء]، ثم أمره الله فقال تبارك وتعالى: {وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ وَلِيّٞ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ}، فدله على أن هذا هو الافتتاح للصلاة قبل التكبير، ثم قال له: {وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا ١١١}⁣[الإسراء: ١١١]، فأمره بالتكبير بعد الافتتاح.

  قلت: فقد جمعت لي في هذا الجواب جواب مسألتين في الافتتاح قبل التكبير، وبأي شيء يبدأ المتوجه للصلاة، فزدني حجة من المعقول في الافتتاح أنه قبل التكبير، فإن أصحاب الأخبار قد أكثروا في ذلك الروايات أنه بعد التكبير، ولم أقل ذلك إني لم أرض بما أتى في كتاب الله، بل هو أكفأ الكفاية، ولكن حجة من اللغة أو من المعقول؟

  قال: نعم أخبرك بذلك والقوة بالله: أليس عقول العالم تشهد بأن افتتاح باب


(١) طاهرة. نخ (٥).