[وصية الإمام # للمضربات عن الزواج أو من لم يبق لهن زوج]
  مَخاليفِ اليمنِ، وكان لها قَدْرُ أربعينَ غلاماً من خُدَّامِها ومن غيرِهِم، وكانتِ الأموالُ تجتمعُ إليها وتَعْظُمُ فَتُفَرِّقُها إنفاقاً في سبيلِ الله تعالى والمدارسِ والعماراتِ في السبيلِ والمناهلِ والمساجدِ، وكان العلماءُ يجتمعونَ إليها للدراسةِ والتدريسِ، وكذلك كانت عمتُهَا - رضوانُ الله عليها - إلا أنَّ عمَّتَها كانت أعلمَ بحيثُ أنَّ الفقهاءَ كانوا يرجعونَ إليها فيما يختلفونَ فيه من غوامضِ المسائلِ في الشرعِ، وكان البُّرُّ يجتمعُ إليها من أقطارِ البلادِ وخَلَّفَتْ مالاً جليلاً، وكذلك أيضاً بناتُ أخيِها حمزةَ بنِ أبي هاشم، وأخواتٌ لزينةَ ابنةِ حمزةَ من أبيِها، وهُنَّ ثلاثٌ رَغِبْنَ عنِ الأزواجِ، وكان فيهنَّ صلاحٌ ظاهرٌ، وكان لهنَّ بِرٌّ واسعٌ.
  فإنْ كان ذلك فليقعْ منهنَّ التشميرُ للعلمِ، والتفرغُ لعبادةِ الله سبحانه، والحرصُ على طلبِ الخيرِ، واتِّباعُ الرشدِّ، والمواساةُ للفقيِر على الإمكانِ، ومَنْ وُسِّعَ عليه من الكلِّ أو البعضِ في الرزقِ لم يغفلْ عن إخراجِ حقِّ الله تعالى في كلِّ حَوْلٍ(١)، لأنَّهُ إنْ تأبدَ وطالتْ عليه المدةُ عَسُرَ إخراجُهُ، وثَقُلَ حَمْلُهُ، إنَّ الغُلولَ من
(١) وفي مجموع إمام الأئمة زيد بن علي @ [١٩٢] عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال: (ليس في المال الذي تستفيده زكاة حتى يحول عليه الحول منذ أفدته، فإذا حال عليه الحول فزكّه)، وفيه عن علي # قال: (آكل الربا، ومانع الزكاة حرباي في الدنيا والآخرة)، وفيه أيضاً عن علي # قال: قال رسول الله ÷: «لا تتم صلاة إلا بزكاة، ولا تتم صلاة إلا بطهور، ولا تقبل صدقة من غلول».