مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

[المرفوعات]

صفحة 114 - الجزء 1

  وقال الكوفيون⁣(⁣١): يجوز⁣(⁣٢) مطلقاً، واستدلوا بقول الشاعر:

  ٢٤ - جزى بنوه أبا الغيلان عَنْ كِبَرٍ ... وَحُسْنِ فِعْلٍ كما يُجْزَى سِنِّمار(⁣٣)

  فأعاد الضمير من الفاعل وهو بنوه إلى المفعول المتأخر وهو أبا الغيلان. وبقول الآخر:


(١) القائل بهذه المسألة الأخفش، وابن جني. وأما الكوفيون فيهربون من الإضمار قبل الذكر غاية الهرب، فالرواية عنهم غلط.

(٢) في ب: «وأما الكوفيون فيجوزونه»، خلافاً لبقية النسخ.

(٣) البيت من بحر البسيط وهو لسليط بن سعد كما في كتاب «الأغاني» و «خزانة الأدب» و «الدرر» و «شرح الأشموني».

اللغة: «أبا الغيلان» كنية لرجل «سِنِمَّار» بكسر السين والنون وتشديد الميم - اسم رجل رومي، يقال: إنه الذي بنى قصر الخورنق بالكوفة - للنعمان بن امرئ القيس ولما فرغ من بنائه ألقاه النعمان من أعلى القصر منكساً على رأسه؛ لئلا يعمل مثله لغيره فَخَرَّ ميتاً، وأن العرب قد ضربت به المثل في سوء المكافأة، يقولون: «جزاني جزاء سِنِمّار».

الإعراب: «جزى» فعل ماض مبني على فتح مقدر «بنوه» فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الواو، وبنو مضاف، والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة. «أبا الغيلان» أبا مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الألف؛ لأنه من الأسماء الستة وأبا مضاف و (الغيلان) مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره (عن كبر) جار ومجرور متعلق بجزى، (وحسن) الواو حرف عطف وحسن معطوف على كبر والمعكوف على المجرور مجرور، وحسن مضاف، «وفعل» مضاف إليه، مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره «كما» الكاف حرف جر وتشبيه و «ما» مصدريه «يجزي» فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها التعذر «سنمار» نائب فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره، (وما) ومدخولها في تأويل مصدر مجرور بالكاف، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لموصوف محذوف يقع مفعولاً مطلقاً مبيناً لنوع (جزاء) وتقدير الكلام: جزى بنوه أبا الغيلان جزاءً مشابها لجزاء سنمار.

الشاهد فيه: قوله: «جزى بنوه أبا الغيلان» حيث أخر المفعول وهو قوله: «أبا الغيلان» عن الفاعل «بنوه» مع أنَّ في الفاعل متصلاً بضمير يعود على المفعول وهو متأخر لفظاً ورتبة.