مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

[الفاعل]

صفحة 119 - الجزء 1

  الأول منها قوله: (إذا اتصل به) أي: بالفاعل (ضمير مفعول⁣(⁣١)) نحو: «ضرب زيداً غلامُهُ» وهذا على رأي البصريين كما تقدم، فيجب تقديم المفعول به لفظاً ليعود إليه الضمير؛ إذ لو أخر لم يجز لِعَوْد الضمير إلى متأخر لفظاً ورتبة إلا على رأي الكوفيين كما سبق.

  الثاني مما يجب فيه تأخير الفاعل قوله: (أو وقع) الفاعل (بعد إلا) لقصد حصر المفعول وإطلاق الفاعل نحو: «ما ضرب عمراً إلا زيد» فمعنى هذا أنه لم يحصل ضرب على عمرو إلا من زيد، وأما زيد فيمكن أن يكون له مضروباً غير عمرو (أو معناها) أي: معنى إلا نحو: «إنما ضرب زيد عمرو» فلا يجوز تقديم الفاعل مع قصد حصر المفعول؛ إذ لو قدم الفاعل في معنى إلا انعكس المعنى وصار المحصور هو الفاعل إذْ قولك: «إنما ضَرَب زيدٌ عمراً» معناه أَنَّ زيداً لم يضرب أحداً من الناس غير عمرو، فيكون من الكلام الأول الذي يجب فيه تقديم الفاعل، ولما كان ينعكس المعنى هنا لو قدم الفاعل منع تقديمه هنا ومع إلا، وإن كان لا ينعكس معها إذا بقي الفاعل بعد إلا⁣(⁣٢) وأخر عنه المفعول، بل المعنى بحاله نحو: «ما ضرب إلا زيد عمراً» إلا أَنَّا منعنا⁣(⁣٣) ذلك في إلا ليجري باب الحصر على سنن واحد، كما تقدم وهذا هو الصحيح⁣(⁣٤).


(١) ويرد عليه «ضرب زيدٌ هنداً وغلامها عمراً» والأولى أن يقال: ضمير مفعوله. يقال: لا يرد عليه فإنه لم يتصل بالفاعل فيه ضمير مفعول؛ إذ غلامها ليس بفاعل اصطلاحاً وإنما هو تابع للفاعل كما لا يخفى نعم، هو فاعل لغوي والمتبادر هو الفاعل الاصطلاحي، وهذا ظاهر. قال نجم الدين: وكذا لو اتصل ضمير المفعول بصلة الفاعل نحو «ضرب زيداً الذي ضرب غلامه». (خالدي). (ح (ب، أ) بالمعنى.

(٢) والياً.

(٣) وقد أجاز بعضهم إتيان الفاعل بعد إلا محتجاً بقول الشاعر: -

ما عاب إلا لئيم فعل ذي كَرَمٍ ... وما هجا قط إلا جُبَّأٌ بطلا

(٤) إشارة إلى خلاف الكسائي وابن الأنباري فإنهما يجوزان تقديم المحصور بإلا إذا كان مفعولاً. (ح خبيصي).