مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

مقدمة التحقيق

صفحة 16 - الجزء 1

مقدمة التحقيق

  

  الحمدلله الذي رفع مقام العلم والدين، ونصب لهما أعلاما للسالكين، فخفض بهما شبه الجاحدين، ولأجلهما جزم سبحانه بفضل العلماء العاملين، واقتضت حكمته أن يكونوا ورثة الأنبياء والمرسلين.

  حمداً يضم معاقد الحمد ومجامعه، ويفتح لنا من بركات العلم النافعة، فتنجر إليه الآمال، وبفضله يحصل السكون بجوازم الأفعال، ونسأل الله العظيم أن يحلي باليقين أفعال القلوب، وأن يزكينا من الأفعال الناقصة والعيوب، فمنه يرتجى كل مطلوب، وعليه وحده يعول في كل أمر مرغوب.

  ونشهد أن لا إله إله إلا الله وحده لا شريك له في الأسماء والصفات، الفاعل المختار العالم بأحوال الضمائر والحركات، ومصادر الأقوال والأفعال، والمتعدي منها بالتنازع والاشتغال، سبحانه لا تحويه الظروف والأمكنة، ولا تغيره الأحوال والأزمنة.

  ونشهد أن محمدا عبده ورسوله، أفصح من نطق بالضاد من الخلق أجمعين، ومن أوتي دونهم جوامع الكلم المستبين، صلى الله عليه وعلى عترته الذين أعربوا عن الحق القويم، وانصرفت قلوبهم إلى خالقهم ذي العزة والجلال، وزكت أحوالهم عن الإعلال والإبدال، فامتازوا بالعلم والمعرفة، واستحقوا اسم التفضيل بفرائد الصفة، صلى الله وسلم عليهم في كل حين وأوان، وسلك بنا دربهم في كل ظرف وزمان، وبعد:

  فإن اللغة العربية تعتبر من جلائل النعم التي أكرمنا الله بها، وصنعة مقدسة أعلى الله شأنها، فاختارها لوحيه من بين لغات البشر أجمعين، وأنزل سبحانه كتابه القرآن الكريم بلسانها العربي المبين، كما أخبر جل شأنه بقوله: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ١٩٣ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ١٩٤ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ١٩٥}