مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

أهمية علم النحو

صفحة 18 - الجزء 1

  وتهذيباً وتنقيحا، إيماناً منهم وإيقاناً بأن دراستها والتأليف فيها ضرب من العبادة وزلفى يتقربون بها إلى الله سبحانه، واعتقادهم بأن هذا العمل خدمة لكتاب الله وانطلاقاً من إيمانهم الكامل بواجب المسؤولية تجاه هذا العلم ومدى أهميته وعلاقته بفهم النصوص الشرعية، واعتباره مفتاح التفقه في الدين.

  ومن وقف على تاريخ اللغة العربية والمراحل التي مربها يدرك حقيقة مدى اهتمام السابقين بلغتهم ومدى المحافظة عليها وإتقانهم للغة العربية الفصحى، حيث كانوا عرباً أقحاحاً لم تعرف ألسنتهم الدخل والفساد، بل كانت لغتهم سليقة، وترجموها في واقعهم مجازاً وحقيقة، وبذلوا في سبيل تعليمها كل غال ورخيص، وكرسوا جهودهم لخدمتها حفظاً ونطقاً وتعليماً وتأليفاً وتأصيلاً، وذللوا لنا الصعاب من أجل تيسير المهام لتعلمها، وهكذا مضى الأوائل والأواخر إلى يومنا هذا، حتى أثروا المكتبات العامة والخاصة بالمؤلفات وتفننوا في ذلك، وتركوا لنا تراثاً زاخراً، وفكراً ناصعاً، وثمرة عظيمة نجتني منها علوما نافعة إلى يوم القيامة.

أهمية علم النحو

  كما سبق سالف الذكر الإشارة إلى أهمية علم اللغة العربية عموماً بدون تعداد لذكر فنونها ومواضيعها التي ينقسم إليها من نحو وتصريف وبلاغة وعروض وأدب و ... إلخ حيث وقد حصرها بعضهم في اثني عشر علماً، ولعل بعضها يتفاوت عن بعض من حيث الأهمية إلا أن النحو له أهمية خاصة لا تتجاوزه؛ إذ يعتبر بالنسبة لعلم العربية كالأصل وهو رأسها، حيث يتمتع بخصوصية مطلقة من بين أقسام علوم اللغة وينفرد بميزة عن بقية سائر علوم العربية، حيث تفتقر إليه ولا يفتقر إليها، وهذا ما أكسبه قدراً كبيراً ومزية خاصة، ومن مظاهر ذلك ما سنوجزه باختصار في هذه النقاط: