مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

[المفعول به]

صفحة 200 - الجزء 1

[المفعول به]

  (المفعول به) هذا هو القسم الثاني من المفاعيل وحقيقة المفعول به (هو ما وقع عليه فعل⁣(⁣١) الفاعل) ونعني بالوقوع تعلق الفعل بما يتوقف تمام فائدته⁣(⁣٢) عليه ليدخل في هذا المفعول حقيقة (مثل: ضربت زيداً) وقتلت عمراً، وشتمت خالداً، وخلق الله العالم⁣(⁣٣) (و) المفعول مجازاً نحو المفعول الأول من باب أعطيت نحو: (أعطيت عمراً درهماً) ولم أضرب بكراً (وقد يتقدم⁣(⁣٤)) المفعول به (على الفعل)؛ إذ الفعل قوي التصرف فيعمل في مفعوله متقدماً⁣(⁣٥) ومتأخراً


(١) قوله: فعل الفاعل، والمراد بفعل الفاعل فعل اعتبر إسناده إلى فاعل حقيقة أو حكماً، يخرج زيدٌ في ضُرِبَ زيدٌ على صيغة المجهول فإنه لم يعتبر إسناده إلى فاعل ولا يشكل بمثل: «أُعطِيَ زيدٌ درهماً» فإنه يصدق على (درهماً) أنه وقع عليه فعل الفاعل الحكمي المعتبر إسناد الفعل إليه، فإن مفعول ما لم يُسَمَّ فاعله في حكم الفاعل وبما ذكرنا ظهر فائدة ذكر الفاعل فلا يَرِدُ أنه لو قال: ما وقع عليه فعل لكان أخصر. والمراد بوقوع فعل الفاعل عليه تعلقه به بلا واسطة حرف جر، فإنهم يقولون في «ضربت زيداً» إن الضرب وقع على زيد، ولا يقولون في «مررت بزيد» إن المرور وقع عليه بل متلبس به فخرج به المفاعيل الثلاثة. (جامي) وخرج الحال؛ لأن تعلق الفعل به بواسطة حرف في المعنى فمعنى «ضربت زيداً قائماً» في حال القيام وخرج المستثنى والتمييز بما خرج به. (عصام).

(٢) قوله: تمام فائدته ... الخ يَرِدُ عليه «مررت بزيد» فإنه قد تعلق به الفعل، ولا يعقل بدونه مع أنه لا يسمى مفعولاً به اصطلاحاً. قال في النجم الثاقب: فالأولى أن يقول في الحد: ما تعلق به الفعل المتعدي خاصةً.

(٣) هذا عند الجمهور أعني: أن خلق الله العالم مفعول به، وعند الجرجاني، والزمخشري، وابن الحاجب، ورجحه ابن هشام أنه مفعول مطلق، قالوا: لأن المفعول ما كان موجوداً قبل الفعل الذي عمل فيه، ثم أوقع الفاعل به فعلا، والمفعول المطلق ما كان بإيجاد الفاعل. (فاكهي معنى).

(٤) ليس حكماً مختصاً بالمفعول به بل المفعولات الخمسة فيه على سواء إلا المفعول معه وذلك لمراعاة أصل الواو إذ هي الأصل للعطف لموضوعها أثناء الكلام. (نجم الدين).

(٥) جوازاً ووجوباً أما جوازاً مثل: «الله أعبد»، ووجه الحبيب أتمنى، وأما وجوباً فما تضمن معنى الاستفهام أو الشرط مثل «من رأيت؟ ومن تكرم يكرمك» هذا إذا لم يمنع مانع من التقديم كوقوعه في حيِّز أن نحو «من البر أن تكف لسانك» اه. (جامي). وكذلك يمتنع تقديم المفعول إذا أُكِّد الفعل بنون التوكيد وأما قوله: «والله فاعبدا» فللضرورة. (نجم معنى). والله أعلم وأحكم.