مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

[التحذير]

صفحة 260 - الجزء 1

  للقائل «من أتقي⁣(⁣١)؟» (أو) لم يكن ضميراً منفصلاً بل (ذكر المحذر منه مكرراً) فإن تكريره يقوم مقام الفِعل فيجب حذفه (مثل إياك والأسد⁣(⁣٢)) هذا مثال ما جمع القيود، وأصله: اتقك، [و] لكنهم لا يجمعون بين ضميري الفاعل والمفعول⁣(⁣٣) لواحدٍ فعدلوا⁣(⁣٤) إلى ذكر النفس، فقالوا: اتق نفسك، ثم حذفوا الفعل لكثرة ذلك في كلامهم فزال الموجب للإتيان بالنفس فبقي الكاف لا يجد ما يتصل به فجعلوه ضميراً منفصلاً وهذا المثال حيث كان المحذر منه بعد الواو اسماً (وإياك وأن تحذف)، هذا مثال المحذر منه بعد الواو فعلاً مع أن المصدرية، لأنها تسبكه⁣(⁣٥) اسماً إذ معناه إياك وحذف الصيد بالعصا فإنه إذا مات بالصدم حرم أكله وإن مات بالخرق حَلَّ أكله، ومنه قول عمر: «إياي وأن يحذف أحدكم الأرنب»، أي: إياي حذف الأرنب، وهو إما نهي للمحرم، أو تعليم للصائد (والطريقَ الطريقَ) هذا مثال حيث وقع المحذر منه مكرراً ومنه قول الخطيب: «الله الله عباد الله» ومثل: «الأسد الأسد» ونحو ذلك، (و) لك في التحذير وجه آخر، وهو أن تذكر المحذر منه بعد مِنْ وتحذف الواو وتعلق مِن بالفعل


(١) فإنه ليس تحذيراً مما بعده؛ لأنه ليس بعد الضمير المنفصل شيء يكون محذراً منه.

(٢) فإن قلت: المعطوف في حكم المعطوف عليه، وإياك محذر، والأسد محذر منه، وهما متخالفان، فكيف جاز العطف؟ فالجواب: أنه لا يجب مشاركة الاسم المعطوف للمعطوف عليه إلا في الجهة التي انتسب بها المعطوف عليه إلى عامله وجهة انتساب إياك إلى عامله كونه مفعولاً به، أي: متعدياً وكذلك الأسد إذ المعنى إياك بَعِّدْ وبَعِّدْ الأسد. (نجم الدين).

(٣) اعلم أنهم قد جمعوا بين ضميري الفاعل والمفعول في أفعال القلوب كما سيأتي إن شاء الله تعالى نحو «عَلِمتني منطلقاً».

(*) في (ب): الفاعل والمفعول لشيء واحد.

(٤) عن ضمير المفعول.

(٥) لكونها مع الجملة التي بعدها بتأويل الاسم، فلما طال لفظ ما هو في الحقيقة اسم واحد أجازوا فيه التخفيف قياساً.