مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

[المركبات]

صفحة 96 - الجزء 2

  ومن ذلك «وقعوا في حِيص⁣(⁣١) بيص» و «ذهبوا شَذَر مَذَر⁣(⁣٢)»، و «خِذع⁣(⁣٣) مِذع»، و «شَغَر⁣(⁣٤) بغر» وهو «جاري بيت بيت»، و «هذا بين⁣(⁣٥) بين» و «لقيته كفةَ⁣(⁣٦) كفةَ»، وفي الحديث: «اللهم اجعل قوت فلان⁣(⁣٧) يومَ يومَ»⁣(⁣٨)، ونحو ذلك.

  (و) كذلك حكم (حادي⁣(⁣٩) عشر) وهذا المثال في تركيب المشتق من اسم عدد مع اسم عدد آخر؛ إذ حادي اسم فاعل مشتق من لفظ «أحد»، ولذلك مثل


(١) الحيص: التأخر والهرب، والبيص: التقدم والهرب. أي: في ضيق وشدة.

(٢) أي: متفرقين.

(٣) يقال: تفرقوا خِذعاً مذعاً أي: منقطعين ومنتشرين من الخدع وهو القطع، ومن قولهم: فلان مذاع، أي: كذاب يفشي الأسرار ونشرها. (مفصل).

(٤) من شغر الكلب برجله ليبول، والبغر: العطش الذي لا يروى معه الرجل. وقيل: البغر النجم هاج بالمطر.

(٥) أي: بين الجيد والردئ، وما أشبههما. (موشح) كالضعف والقوة والجبن والشجاعة.

(٦) أي: مواجهة حتى كأني كففته عن مجاوزتي وكفنى عن مجاوزته. (مفصل).

(٧) قال سيدنا أحمد بن علي عمر: الحديث: «اللهم اجعل قوت آل محمد».

(٨) ولا يقاس على هذا فيقال: وقت وقت وعام وعام. (خبيصي).

(٩) قوله: «حادي عشر» فيه نظر؛ لأن الثاني فيه لا يتضمن الحرف؛ لأنه لا يراد به حادي وعشرة. وجوابه: أن المراد بصيغة الفاعل إذا اشتق من أسماء العدد، واحد من المشتق منه، لكن لا مطلقاً، بل باعتبار وقوعه بعد العدد السابق على المشتق منه، فإن الثالث مثلاً واحد من الثلاثة لكن لا مطلقاً، بل باعتبار وقوعه بعد الاثنين، فلما أخذوا هذه الصيغة من المفردات الدالة على ما ذكرنا أرادوا أن يأخذوا مثل ذلك من المركبات، ولا يتيسر ذلك من مجموع الجزأين؛ لأن صيغة فاعل لا تسع حروفهما جميعاً، فاقتصروا على أحدها من أحد الجزأين؛ إذ في أخذ بعض الحروف من كل جزء مظنة الالتباس، واختاروا الأول ليدل على المقصود من أول الأمر، فأخذوا مثلاً من أحد عشر المتضمن حرف العطف حادي عشر بمعنى الواحد من أحد عشر بشرط وقوعه بعد العشرة، فحادي عشر متضمن حرف العطف باعتبار أن أصله حادي وعشر؛ إذ لا معنى له، وعلى هذا القياس الحادي والعشرون؛ إذ لا فرق بينهما إلا بذكر الواو وحذفه. (جامي).