مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

[الفعل]

صفحة 291 - الجزء 2

  (وقسم لا يجوز) تقديم الأخبار فيه على العوامل (وهو ما في أوله «ما») وذلك في خمسة أفعال كما تقدم فلا تقول: «قائماً ما انفك زيدٌ»؛ وذلك لأن حروف النفي تستحق التصدير فلا يتقدم شيء مما في حيزها عليها⁣(⁣١)، و «ما» في دام خاصة مصدرية وهي كذلك⁣(⁣٢).

  (خلافاً لابن كيسان) والكوفيين إلا الفراء فإنهم يجيزون التقديم في الأربعة الأول؛ لأن «ما» للنفي و «زال» للنفي، وإذا دخل النفي على النفي أفاد الإثبات، فحينئذٍ معناها الإثبات فبطل استحقاقها التصدير، قلنا: النفي مصرح به لفظاً. وهذا الخلاف (في غير ما دام) فأما هي فلا يجوز تقديم خبرها عليها وفاقاً؛ لأن «ما» فيها مصدرية كما سبق، والمصدر لا يتقدم عليه معموله؛ لأنه كالجزء منه⁣(⁣٣).

  (وقسم مختلف فيه وهو: ليس⁣(⁣٤)) فعند الأكثر أنه يجوز تقديم خبره عليه؛ لأنه فعل، ولقوله تعالى: {أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ}⁣[هود: ٨]، فقدم الظرف وهو «يوم» وهو معمول الخبر وهو «مصروفاً» فكذا⁣(⁣٥) تقديم الخبر. وعند الكوفيين والمبرد وابن السراج والجرجاني لا يجوز التقديم نظراً إلى أنها للنفي، ويمتنع تقديم معمول النفي عليه.


(١) قال نجم الدين: وأما توسط الخبر بين حرف النفي وزال فلم يجزه أحد منهم؛ لأن حرف النفي ملازم هذه الأفعال حتى صار كالجزء فلا يجوز: «ما قائماً زال زيدٌ». (رضي).

(٢) في (ب): حكمها حكم أخواتها، وفي (ج): وحكمها حكم أخواتها، وقال في حاشية على ذلك: في أنه لا يتقدم معمولها عليها؛ لامتناع تقديم معمول المصدر على نفس المصدر.

(٣) الأولى في التعليل ما علل به في المصدر من أنه مقدر بأن والفعل، وهو يمتنع تقديم معمول أن المصدرية عليها كما مر؛ لاستحقاقها التصدير في جملتها.

(٤) الأولى أن يدخل المصنف ليس في ما أوله ما، ولا يجعلها قسماً ثالثاً، ولعله يقال: إنه لم يتعد بخلاف ابن كيسان. ذكر معنى ذلك (الرصاص) عن ركن الدين.

(٥) قال في (الموشح): وإذا جاز تقديم المعمول فجواز تقديم العامل أولى. يقال: إن الظرف يتسع فيه ما لا يتسع في غيره فلا حجة للبصريين وسيبويه ومن معهم في الآية المذكورة.