[الفعل]
  الأصح) من الإطلاقين والتفصيل سواء كان لماض أو لمستقبل فإذا قلت: «ما كاد زيد يخرج» «ولم يكد زيد يخرج» فمعنى هذا أنه لم يقارب الخروج وانتفى الخروج بطريق الأولى، ومنه قوله تعالى: {كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا}[النور: ٤٠]، فالآية دالة على أنه لم يقارب رؤيتها فأولى وأحرى الرؤية، وكذلك قوله تعالى: {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ}[إبراهيم: ١٧]، أي: لا يسيغه ولا يقارب إساغته.
  (وقيل:) إنَّ كاد إذا دخل عليها النفي فإنها (تكون للإثبات) مطلقاً ماضياً كان الفعل أو مستقبلاً، أما الماضي فلقوله تعالى: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ٧١}[البقرة]، وقد وقع الذبح، فلو لم تكن للإثبات لم يقع الذبح، وأما في المستقبل فلتخطئة الشعراء لذي الرمة في قوله في البيت الآتي: «لم يكد» لأنهم(١) فهموا من هذا الإثبات، وأن رسيس الهوى والحب قد زال وبرح فقالوا: نراه زال وبرح فغير الكلام إلى قوله: لم أجد.
(١) وجه الاستدلال بقول ذي الرمة أن مقصوده: أن رسيس الهوى لم يبرح ولم يقارب البراح فانتفاء البراح بطريق الأولى كقولك: «لم يكد زيد يجيء» فانتفت المقاربة للمجيء، فانتفاء المجيء بطريق الأولى فلما أنشد قصيدته التي منها هذا البيت أخذ عليه من حضر من الأدباء وقالوا له فقد برح وأقررت بزوال الحب يعني لما قال: لم يكد رسيس الهوى ... إلخ وذلك لأنهم فهموا أن معنى لم يكد الإثبات فيؤدي إلى أن يكون معنى البيت أن رسيس الهوى يبرح أي: يزول كقولك: «لم يكد زيد يجيء» والمراد أنه جاء فلما أخذوا عليه توقف ثم غير بلم أجد وبعد تغييره بلم أجد يكون نصاً في النفي أعني انتفاء البراح كما ذلك ظاهر، ولولا أنهم فهموا الإثبات أعني أن رسيس الهوى قد زال وبرح من قوله: لم يكد لم يكن لتخطئتهم إياه ولا لتغييره معنى كما ذلك ظاهر إذا عرفت هذا فاستدلال أهل الإطلاق الثاني بتخطئة الشعراء فقط يعني لولم يكن معنى لم يكد الإثبات لَمَا خَطَّأَ الأدباء ذا الرمة ولما اعترف أيضاً.