مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

[الحرف]

صفحة 375 - الجزء 2

  لنفي معنى ما وجب للمعطوف عليه عن المعطوف نحو: «جاءني زيد لا عمرو»؛ فنفيت المجيء الواجب لزيد عن عمرو فلا يعطف بها إلا في الإيجاب⁣(⁣١) فلا تقول: «ما جاءني زيد لا عمرو»، والواقعة بعد غير لتأكيد النفي نحو: {غَيْرِ اِلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا اَلضَّالِّينَ ٧}⁣[الفاتحة]، ولا يحسن إظهار العامل معها نحو: «قام زيد لا قام عمرو» لئلا يلتبس النفي بالدعاء.

  وبل⁣(⁣٢) تأتي للإضراب عن الأول موجباً نحو: «جاءني زيد بل عمرو» أو منفياً نحو «ما قام زيد بل عمرو⁣(⁣٣)» وتأتي في عطف الجمل كقوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ اَفْتَرَياهُ بَلْ هُوَ اَلْحَقُّ}⁣[السجدة: ٢].

  (ولكن) للاستدراك (لازمة للنفي)⁣(⁣٤) إذا كان المراد عطف المفرد، وهي تثبت الحكم وتوجبه للثاني مع انتفائه عن الأول فهي نقيضة لا تقول: «ما قام زيد لكن عمرو» وأما في عطف الجمل فلا فرق بين أن يتقدم النفي نحو: «لم يقم زيد لكن عمرو قام» أو يتأخر عنها نحو: «قام زيد لكن عمرو لم يقم» وإنما لزم النفي فيها؛ لأن المراد بها تغاير⁣(⁣٥) الحكمين كما مثلنا.


(١) لأنها لنفي ما وجب للمعطوف عليه، والمنفي ليس بواجب للمعطوف عليه.

(٢) وكلمة بل بعد الإثبات لصرف الحكم عن المعطوف عليه إلى المعطوف وأما كلمة بل بعد النفي نحو: «ما جاءني زيد بل عمرو» ففيه خلاف فذهب بعضهم إلى أن كلمة بل لصرف حكم النفي من المعطوف عليه إلى المعطوف أي: بل ما جاءني عمرو، والمعطوف عليه في حكم المسكوت عنه، وذهب بعضهم إلى أنها تثبت الحكم المنفي عن المعطوف عليه للمعطوف والمعطوف عليه في حكم المسكوت عنه أو الحكم منفي عنه فمعنى «ما جاءني زيد بل عمرو» بل جاءني عمرو، فزيد إما في حكم المسكوت عنه أو المجيء منفي عنه. (جامي).

(٣) أي: لم يقم. ويحتمل أن يكون المعنى بل عمرو قام وهو مذهب الجمهور.

(٤) في (ب): زيادة: «فيما قبلها»، بعد قول الماتن: للنفي.

(٥) أي: يوجد معها تغاير الحكمين لا أن المراد بها التغاير. (سيدنا أحمد حابس |).