[الرجعة]
  إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}[الأنعام: ٥٩].
  فإن قالوا: هذا نُسخ.
  قلنا: لا يمكن النسخ في الأخبار على عالم الغيب والشهادة؛ لأنه يستلزم: إما الكذب، أو الجهل على الله؛ لأن المُخبر إذا أخبر أنه سيفعل كذا، ثم أخبر أنه لا يفعله فهذا عين الكذب.
  وإن أراد أنه ظنَّ، أو عَلِمَ، أن المصلحة فيه، ثم علم أن المصلحة في غيره؛ فهذا لا يجوز على الله من وجوه:
  الأول: أن الظن لا يجوز على الله؛ لأنه عرض، والعرض لا يحل إلا في جسم.
  ثانيًا: يلزم منه أن الله كان جاهلاً بالمصلحة، وهذا لا يجوز؛ لأن الله ليس عالماً بعلم خلقه له خالق، وجعله له جاعل، حتى يخصصه بمعلوم دون معلوم، وبشيء دون شيء، فلا بد أن يعلم الأشياء كلها، أو يجهلها كلها؛ لأن علمه بشيء دون شيء تحكّم بدون مخصص.
  وكذا لا يصحُّ أن يعلم أن المصلحة في إسماعيل لا موسى، ثم يعلم أن المصلحة في موسى لا إسماعيل؛ لأن هذا مناقضة؛ والعلم هو ما طابق الواقع، فيلزم على هذا أن المصلحة في موسى وليست المصلحة فيه.