الباب التاسع والعشرون: في ذكر شيء مما ورد عند نزول خصاصة من فقر وحاجة ودين ونحوها، وفي الاستغناء عن الناس والاكتفاء بما رزق الله تعالى والشكر عليه
  وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال»، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عني همي وقضى ديني.
  وفيه من حديث أنس قال: قال رسول الله ÷: «لا يتمنينَّ أحدكم الموت لضر نزل به، ولكن ليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وأمتني إذا كانت الوفاة خيراً لي».
  قلت: ويخصص بما إذا حمل الشخص على منكر لم يمكنه دفعه بوجه فيجوز تمني الموت كما في قوله تعالى حكاية عن مريم (صلوات الله عليها): {يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا}[مريم: ٢٣]، لأنها وإن تيقنت براءتها فقد علمت أن قومها سيبهتونها بالفاحشة، وإذا جاز في مثل ذلك ففي غيره أولى، وفي السنة شواهد للآية كما ذلك مذكور في موضعه، والله أعلم.
  وفيه من حديث ابن عباس أن النبي ÷ كان يدعو بهذا الدعاء: «اللهم أقنعني بما رزقتني، وبارك لي فيه، واخلف على كل غائبة لي بخير»، وكان ابن عباس لا يَدَع هذا الدعاء.
  وفيه من حديث علي # قال: قال رسول الله ÷: «سلوا الله السداد، فإن الرجل قد يعمل الدهر الطويل على الجادة من جواد الجنَّة فبينا هو كذلك دؤوباً دؤوباً إذ انبرت له الجادة من جواد النار فيعمل عليها ويتوجه إليها فلا يزال دؤوباً دؤوباً حتى يختم الله له بها، وإن الرجل قد يعمل الدهر الطويل على الجادة من