البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

المبحث الثامن الإيجاز والإطناب والمساواة

صفحة 177 - الجزء 1

  شيء عظيم. والبلاغة جزء من هذا الشيء العظيم.

  أ - في حديث نبوي شريف لخص رسول الله الدين الإسلامي بكلمة واحدة، فقال: الدين المعاملة.

  ولو حاولنا أن نفسر ما تعنيه هذه الكلمة لوجدناها تنطوي على جوهر الدين كله، عبادة، وتعاملاً، وسلوكاً.

  المعاملة مع الناس والمعاملة مع النفس، والمعاملة مع الله جلّ وعلا.

  أفلسنا نستطيع تفسير كل عنصر من هذه العناصر بصفحات كثيرة؟

  هذا الإيجاز جاء ليحفظه الإنسان المؤمن عن ظهر قلب، وليعرف دائماً قيمة عمله: أهو من الدين أم من غير الدين.

  وبهذه الكلمة استطاع الرسول العظيم أن يجمع المعنى الكبير تحت لوائها. وهذا هو الإيجاز الرائع، والبلاغة الحق.

  ***

  ب - تكاثر الخصوم السياسيون على عليّ بن أبي طالب، ¥، وشنوا عليه غارات كلامية، وغارات، حربيّةً، حتى وصلوا إلى الكوفة، وفعلوا بأهلها الأفاعيل والكوفة عاصمته، وأهل شيعته، ومنطلق دعوته، ومركز قوته. ونادى بالناس: حَيَّ على الجهاد في الصيف؛ فاعتذروا إليه بشدة الحر؛ فأمهلهم إلى الشتاء، وجاء الشتاء، فدعاهم إلى الجهاد؛ فتعلّلوا بالبرد. واقتحم عدوهم عليهم قلب بلدهم، فلم يتحرك لهم ساكن، ولم تثر فيهم نخوة، ولا كرامة.

  أفبعد هذا كله يحدّثهم عليّ كرّم الله وجهه حديث الوداد، أو يكلمهم بعبارات المحبة، أو يوجز لهم القول المؤنب، أو يختصر لهم