البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

الباب الأول فن التشبيه

صفحة 37 - الجزء 2

  إنا لو حاولنا بتر جزء من الصورة الأولى أو من الثانية، لاختلَّ التوازن، واختلَّ وجه الشبه الجامع بين الصورتين ... وتشوه كل شيء

  ***

  ولو وقفنا قليلاً عند بيت الشاعر اللبناني بشارة الخوري (الأخطل الصغير) الذي يقول فيه:

  عينَاهُ عالقتَانِ في نفْق ... كسراج كوخٍ نِصْفِ مُتقَدِ

  لوجدنا ما يلي:

  هذا البيت جزء من قصيدة حملت عنوان (المسلول) وفيها يتحدث الشاعر عن شاب ضَلَّ الطريق، وارتضى لنفسه أن يقيم على حياة ماجنة ... وما إن مرت عليه شهورٌ على هذه الحال حتى بدأ السل ينخر في رئتيه، والدم يسيل من صدره، والشباب الغض يذوي من جسمه، والداء يقطع كيده ... ثم تقاذفته الأرصفة، وما لبث الموت أن أراحه.

  نعود إلى البيت الذي أشرنا إليه:

  عَينَاهُ عَالقَتَانِ فِي نفَقٍ ... كسراج كوخ نصف مُتَّقد

  إن الشاعر رسم عيني المسلول في صورة ... عناصرها مكوّنة من المشبه المؤلف من العينين اللتين تضاءَلنا حتى غَدَنَا كُرتين هزيلتين مربوطتين إلى نفق غائر مظلم. ومن المشبه به المؤلف من هيئة سراج خبا نوره، ونفد زينه، فغدا ضياؤه بغير ضياء

  ألا ترى معى أن الشاعر شَبَّة مركباً بمركب، أو صورة بصورة، وأن