البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

الباب الثاني فن المجاز

صفحة 122 - الجزء 2

  أيُّ أنشودَةِ خِزْيِ غَصَّ في ... بنَّها بين الأسى والكرب

  إلى أن يقول:

  يا روابي القُدس يا مَجْلَى السَّنَا ... يا روى عيسى على جَفْنِ النَّبِي

  دون عليائك في الرُّحب المدى ... صَهْلَةُ الخَيْلِ وَوَهْجُ القُضُب

  لمَّت الآلامُ مِنَا شَمْلَنَا ... ونمت ما بيننا من نسب

  فإذا مصر أغاني جلَّق ... وإذا بغداد نجوى يثرب

  ذهبت أعلامها خافقة ... والتقى مَشْرِقُها بالمغرب

  كلَّما انقض عليها عاصفٌ ... دفَنَتْه في ضُلُوع السُّحُب

  بوركَ الخَطْبُ فَكَمْ لَفَ على ... سهمه أشتات شَعبٍ مُغْضَب

  ***

  لمتأمل البيت الثاني (وقف التاريخ في محرابها ...) نجد أن التاريخ أصبح كائناً حياً، ذا روح وحياة ... يقفُ في محراب الأمة العربية مرتجفاً مضطرباً.

  وفي البيت الثالث: يروي التاريخ عن هذه الأمة ذات العز والأمجاد أناشيد وأساطير وأخبار العقلاء والحكماء ويذيعها في العالمين.

  وفي البيت الرابع: يمرّ التاريخ على صفحة مُعتمة من حياة هذه الأمة، فتملاً حَلْقَهُ الغُصص، يكاد يختنق ألما مما يرى.

  وفي البيت السابع: نجد الآلام، وهي مشاعر نفسية، ذات روح وحياة، تتحرك كما يتحرك البشر، وتتصرف كما يتصرف بنو الإنسان ... تأتي إلى الشمل فتلملمه، وتأتي إلى الأنساب فتجمعها إلى بعضها، ثم تمضي بها نحو سبيل الوحدة وجمع الكلمة ورص الصفوف ... وهكذا