البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

البديعيات

صفحة 18 - الجزء 3

  وبنوا على مثالها، ولا يزالون يفعلون هذا إلى يومنا، وسموها قصيدة «البردة»⁣(⁣١).

  ومن هذه العوامل. ولهذه الدواعي. ولدت «البديعيات».

  والبديعيات، أصلاً، وكما ذكرنا، قصائد منظومة في مدح الرسول . على البحر البسيط، وعلى روي الميم المكسورة. والفرق بينها وبين بردة البوصيري أن شعراء البديعيات أضافوا إلى المديح ذكر ألوان البديع صراحة أو ضمناً، بينما لم يكن في «برْدَةِ» البوصيري شيء من هذا الذكر، صريحاً أو غير صريح.

شعراء البديعيات

  اختلف العلماء في أولية من نظم بديعية، فمن الباحثين من قال: إِنَّ صفي الدين الحلي، المتوفى سنة ٧٥٠ هـ هو أول من ابتدع هذا الفن، ومنهم من قال: إنَّ ابن جابر الأندلسي المتوفى سنة ٧٧٩ هـ هو السابق والأول، ومنهم من رد الأولية إلى الإربلي المتوفى سنة ٦٧٠ هـ⁣(⁣٢).

  أما أولية الإربلي التي قال بها بعض الدارسين فمردودة، رغم تقدم الإربلي في الزمن، لأن قصيدته التي مطلعها:

  بعض هذا الدلال والإدلال ... حالي الهجر والتجنب حالي

  تدور حول مدح بعض معاصريه، على وزن البحر الخفيف، وعلى روي اللام. وتلك مخالفات صريحة لشرط القصيدة البديعية. لكنا نعترف له بالسبق في تضمين كل بيت من أبيات قصيدته لوناً من البديع، وأنه مهد لفكرة إنشاء البديعيات.

  أما أولية بديعية ابن جابر الأندلسي والتي شرحها أبو جعفر الألبيري فقد قال


(١) انظر كشف الظنون ١٣٣١/ ٢ وما بعدها.

(٢) راجع في هذا الموضوع ابن حجة الحموي: شاعراً وناقدا للدكتور محمود الربداوي ص ١٨٧، والبديعيات في الأدب العربي لعلي أبو زيد ص ٥٥، ومطالعات في الشعر المملوكي والعثماني للدكتور بكري شيخ أمين ص ٢٦٧، والصبغ البديعي في اللغة العربية للدكتور أحمد إبراهيم موسى ص ٣٧٧، والأدب في العصر المملوكي للدكتور محمد زغلول سلام ٢٣١/ ١.