القسم الأول جماليات في النظم والمعنى
  الحقائق، ويتعامل وإياها على هدى وبصيرة، ولا يخبط خبط عشواء.
  والإيمان بصر، يرى رؤية حقيقية صادقة غير مهزوزة ولا مخلخلة. ويمضي بصاحبه على نور وعلى ثقة، وفي اطمئنان.
  والإيمان ظل ظليل، تستروحه النفس، ويرتاح له القلب، ظل من هاجرة الشك والقلق والحيرة في التية المظلم بلا دليل.
  والإيمان حياة، حياة في القلوب والمشاعر، حياة في القصد والاتجاه، كما أنه حركة بانية، مثمرة، قاصدة، لا خمود فيها ولا همود، ولا عبث فيها ولا ضياع.
  والكفر عمى، عمى في طبيعة القلب، وعمى عن رؤية دلائل الحق، وعمى عن رؤية حقيقة الوجود، وحقيقة الارتباطات فيه، وحقيقة القيم والأشخاص والأحداث والأشياء.
  والكفر ظلمة أو ظلمات، فعندما يبعد الناس عن نور الإيمان يقعون في ظلمات من شتى الأنواع والأشكال، ظلمات تعز فيها الرؤية الصحيحة لشيء من الأشياء.
  والكفر هاجرة، حرور، تلفح القلب فيه لوافحُ الحيرة والقلق وعدم الاستقرار على هدف، وعلى الاطمئنان إلى نشأة أو مصير، ثم تنتهي إلى حر جهنم، ولفحة العذاب هناك.
  والكفر موت، موت في الضمير، وانقطاع عن مصدر الحياة الأصيل، وانفصال عن الطريق الواصل، وعجز عن الانفعال والاستجابة الأخذين من النبع الحقيقي، المؤثرين في سير الحياة.
  ولكل طبيعته، ولكل جزاؤه، ولن يستوي عند الله هذا أو ذاك(١).
  أرأيت إلى بعض ما تهدي إليه هذه الآيات، وما ترسم من ظلال وآفياء؟ وما كان ذلك إلا بمقارنة الأضداد بعضها ببعض مما يسميه البلاغيون بالطباق الذي هو تحسين معنوي لا أكثر في رأيهم.
(١) في ظلال القرآن ٥/ ٢٩٣٩.