ضخمة، جزلة، مثيرة للفزع، شديدة الوقع على الأذن، كبيرة التأثير في النفس، من مثل الصَّاحَةِ، والطَّامَّة، والقارعة، والحاقة، والغاشية، وسواها، وهي تناسب صور الهول والعذاب الذي ينتظر الكفرة الذين يُعرضون عن آيات الله، ويرفضون اتباع محمد ﷺ، والإيمان بالله الواحد الأحد. من مثل قوله تعالى: {الْحَاقَّةُ ١ مَا الْحَاقَّةُ ٢ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ ٣ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ ٤ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ٥ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ٦}⁣[الحاقة]⁣^(⁣١) أو قوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ١ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ٢ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ ٣ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً ٤ تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ٥ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ٦ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ٧}⁣[الغاشية]⁣^(⁣٢).

  أَمَّا حين تصور الآيات الكريمة الجنَّة ونعيمها، وما يلقاه المؤمنون فيها، فإن الألفاظ تميل إلى العذوبة والرقة، والسياق فيها يجري رخياً ناعماً. كأنه السلسبيل مثل ذلك قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ٧٣ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ٧٤ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٧٥}⁣[الزمر].

  ولو حللنا مثالاً واحداً تحليلاً أدبياً. ولغوياً. لوقفنا على روعة

(١) الحاقة اسم من اسماء يوم القيامة، سميت بها لتحقق وقوعها، القارعة: اسم آخر من أسماء القيامة سميت بذلك لأنها تقرع القلوب بأهوالها. الطاغية: هي الصيحة المدمرة التي جاوزت الحد في الشدة، بها هلكت ثمود «وهم قوم صالح». الربح الصرصر: العاصفة ذات الصوت الشديد. عاتية متجاوزة الحد في الهبوب والبرودة. كانها عتت حتى لم يمكن ضبطها.

(٢) الغاشية هي يوم القيامة، تغشى الناس بأهوالها وشدائدها. خاشعة ذليلة خاضعة مهينة. عاملة ناصبة دائبة العمل فيما يتعبها ويشقيها. تصلى: تدخل ناراً مسعرة شديدة الحر. آنية متناهية الحرارة ضريع نبات كثير الشوك وهو أخبث الشوك وفيه سم قاتل، وتسميه قريش «الشبرق».