البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

القسم الأول جماليات في النظم والمعنى

صفحة 78 - الجزء 3

  خراسان، وعندما كان في بعض الطريق لدغته أفعى، فلما أحس بالموت كان من قوله:

  ألا ليت شعري، هل ابيتن ليلة ... يجنب الغضى، أزجي القلاص النَّواجيا

  فليت الغضى، لم يقطع الركب عرضه ... وليت الغضى ماشى الركاب لياليا

  أقول لأصحابي: ارفعوني، فإنه ... يقر لعيني أن سهيل بدا ليا

  فيا صاحبي رجلي دنا الموت فانزلا ... برابية إني مقيم لياليا

  وخطا بأطراف الأسنة مضجعي ... وردا على عيني فضل ردائيا

  ولا تحسداني، بارك الله فيكما ... من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا

  تفقدت من يبكي علي فلم أجد ... سيوى السيف والرمح الرديني باكيا

  يقولون: لا تبعد، وهم يدفونني ... و اين مكان البعد إلا مكانيا

  وهذه قصيدة أخرى في مناجاة الطائر، نظمها أبو فراس وهو في الأسر:

  أقول وقد ناحت بقربي حمامة ... أيا جارتا، لو تشعرين بحالي

  معاذ الهوى، ما ذقت طارقة النوى ... ولا خطرت منك الهموم ببال

  أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا ... تعالي أقاسمك الهموم تعالي

  تعالي تري روحاً لدي ضعيفة ... تردد في جسم يُعذِّبُ بال

  أيضحك مأسور وتبكي طليقة ... ويسكت محزون ويندُبُ سال

  لقد كنت أولى منك بالدمع مقلة ... ولكن دمعي في الحوادث غال

  أرأيت كيف أن الشاعر الأسير لم يأت إلا بألفاظ النواح، والنَّوى، والهموم، والضعف، والعذاب، والأسر والانطلاق، والحزن، والندب، والدَّمع، والحوادث. وهي جميعاً متآلفة منسجمة تعبَّر عن الحزن والأسى الذي يعيشه الشاعر ويكتوي بآلامه.

  وأخيراً، فهذه ابيات من العصر الحديث نختم بها هذا البحث ولعلَّ فيها خير شاهد على أن «مراعاة النظير» ركن في حياة الناس، وليس زينة يحلون بها كلامهم.

  القصيدة الشاعر عربي من حلب الشَّهباء، ومن أسرة عريقة، اسمه عمر بهاء الدين الأميري مشهور في أرجاء الوطن العربي والإسلامي بشعره ونثره ومواقفه الإسلامية والعربية.