البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

القسم الأول جماليات في النظم والمعنى

صفحة 111 - الجزء 3

  ٤ - يمكن أن يقتبس من الحديث النبوي الشريف كقول الصَّاحب بن عبَّاد.

  أقولُ وقد رأيت له سحاباً ... من الهجران مقبلة إلينا

  وقد سخت غواديها بهطل ... حوالينا الصدود ولا علينا

  اقتبسه من الحديث النبوي حين استسقى وحصل مطر عظيم «اللهم حوالينا ولا علينا».

  وبعد، فقد نظر معظم الخطباء،؛ والكتاب والشعراء والبلغاء إلى جواز الاقتباس من القرآن الكريم والحديث الشريف التي سبق أن عرضناها من قبل.

  ويبدو لنا أنّ سبب حماستهم في استخدام الاقتباس من المصدرين المقدسين القرآن والحديث رغبتهم في تنوير كلامهم فكلام الله نور. وكلام رسول الله نور واقتباس الإنسان من هذين النورين أو من أحدهما يرفع من مقام كلامه ومستوى أدائه الفني، وأكرم بذلك من غاية وهدف. ولعلنا لو استعرضنا بعض ما جاء به هؤلاء القابسون ... أو المقتبسون لعرفنا كيف يسمو الكلام بالنور والضيّاء.

  قال الشاعر الأحوص:

  إذا رمت عنها سلوة قال شافع ... من الحب ميعاد السرور المقابر

  ستبقى لها في مضمر القلب والحشا ... سرائر ودَّ يوم تُبلى السَّرائر

  وقال ابن سناء الملك في مطلع قصيدة:

  رحلُوا، فلست بسائلٍ عن دارهم ... أنا باخع نفسي على آثارهم

  وقال ابو الفضائل أحمد بن يوسف بن يعقوب مقتبساً من سورة مريم

  لستُ أنسى الأحباب ما دمت حيا ... إذْ نَوَوْا للنوى مكاناً قصيا

  وتلوا آية الدموع فخروا ... خيفة البين سجداً وبكيا

  وبذكراكُم يُسبح دمعي ... كلما اشتقت بكرة وعشيا

  وأناجي الإله من فرط حزني ... كمناجاة عبده زكريا

  واختفى نورهم فناديت ربي ... في ظلام الدجى نداء خفيا