البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

القسم الثاني جماليات في الشكل والأسلوب

صفحة 124 - الجزء 3

  نحورهم، وأعوذ بك من شرورهم»⁣(⁣١). وقوله «اللهم اقبل توبتي، واغسل حَوْبَتي»⁣(⁣٢). وقوله «اللهم أعط منفقاً خلفاً، وأعط مُمْسِكاً تلفا»⁣(⁣٣).

  وفي خطب الصحابة الكرام من هذا اللون كثير، ويفيض «نهج البلاغة» الذي جمع خطب علي بن أبي طالب بالسجع الجميل، والفن الرفيع البديع. من ذلك قوله⁣(⁣٤): (أما بعد، فإن الدنيا قد أدبرت، وأذنت بوداع، وإن الآخرة قد أشرفت باطلاع، ألا وإن اليوم المضمار⁣(⁣٥) وغداً السباق، والسبقة⁣(⁣٦) الجنة، والغاية النار، أفلا تائب من خطيئته قبل منيته، ألا عامل لنفسه قبل يوم بؤسه؟). وقوله في خطبة أخرى يحث على الجهاد و يلوم الذين تخلفوا عنه. (يا أشباه الرجال ولا رجال، حلوم الأطفال، وعقول ربات الحجال، لَوَدِدْتُ أني لم أركم، ولم أعرفكم، معرفة والله جرت ندماً، وأعقبت سدماً⁣(⁣٧) ...).

  ولو تابعنا الاستشهاد عبر الزمن لوجدنا شيئاً كثيراً، لا يدخل تحت حصر، ومررنا في طريقنا على أدب المقامات والإخوانيات والرسائل والمواعظ.

  ولعلّنا بعد هذا التوسع في إيراد الشواهد نصل إلى حكم عادل منصف على هذا اللون من الجمال البديع، خلاصته أن السجع بحد ذاته بما يحمل من نغمة إيقاعية تطرب لها النفس، وتستسيغها الأذن، ليس حراماً ولا


= والخمسون من كتاب الزكاة، مسند أحمد ٣٠٦/ ٢ و ٣٤٧، ١٩٧/ ٥، الأذكار للنووي ص ٣٣٦.

(١) الباب الثلاثون من كتاب الوتر في سنن ابي داود و ٤١٤/ ٤ و ٤١٥ من مسند أحمد بن حنبل.

(٢) رواه ابن ماجه في باب الدعاء، وأبو داود في باب الوتر، والترمذي في الدعوات.

(٣) رواه ابو داود في باب الوتر، واحمد بن حنبل ٤١٤/ ٤ و ٤١٥.

(٤) نهج البلاغة ١/ ٨٨ (طبعة مكتبة الأندلس بشرح محمد عبده، وإشراف عبد العزيز سيد الأهل).

(٥) المضمار: ميدان الخيل الذي فيه تجري وتضمر لتكون خفيفة اللحم، قادرة على السبق.

(٦) السبقة ما يتراهن عليه اهل السباق من جوائز والعبارة تعني ان جائزة السابقين الجنة. والمتخلفين النار.

(٧) نهج البلاغة ٨٧/ ١.