البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

أقسام الجناس

صفحة 145 - الجزء 3

  وقول بليغ (من يُحرم يُرحم، ومن يُجرم يُرجم)⁣(⁣١).

  ***

  وفي مجال القلب والعكس نورد لوناً من الجناس له حلاوة، ويفيد الكلام رونقاً وطلاوة، سماه العلماء «المعكوس» وسماه قدامة بالتبديل، وكل من التسميتين تصدق عليه، لأن صاحبه يقدم المؤخر من الكلام، ويؤخر المقدم منه، فلهذا لقب بالعكس.

  ومن أمثلة هذا النوع قول بعضهم (عادات السادات، سادات العادات)، وكقول آخر: «شيم الأحرار أحرار الشيم». ومنه قول الأضبط⁣(⁣٢):

  قد يجمع المال غيرُ آكله ... ويأكل المال غيرُ من جمعه

  ويقطع الثوب غير لابسه ... ويلبسُ الثوب غير من قطعه

  ومن ذلك قول الشريف الرَّضي:

  أسف بمن يطير إلى المعالي ... وطار بمن يسفُّ إلى الدَّنايا

  وكقول آخر:

  إن الليالي للأنام مناهل ... تطوى وتنشر بينها الأعمارُ

  فقصارهن مع الهموم طويلة ... وطوالهن مع السرور قصار

  ومن هذا قوله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ


(١) ذكر علماء البديع أن القلب اربعة صور: «قلب كُلّ» مثل «فتح وحتف»، و «قلب بعض» مثل «رحيق وحريق». و «قلب مجنح» وهو قلب كامل لأول كلمة وآخر كلمة من البيت الشعري مثل:

«ساق» يريني قلبه قسوة وكل ساق قلبه «قاس» و «مستوي» او (ما لا يستحيل بالانعكاس وهو قلب الجملة كاملة، فتقرأ على صورتها الأولى نحو «ربك فكبر» و «سير فلا كيا بك الفرس» و «دام علا العماد».

ونعتقد ان الثالث «ساق وقاس» يمكن ان يندرج في الأول، وأما الرابع فلا علاقة له بالجناس لأنه لم يتغير اللفظ والمعنى بعد القلب.

(٢) شرح شواهد المغني ص ٤٥٣ والشعر والشعراء ص ٢٩٩ والأغاني ١٦/ ١٨ وأنوار الربيع ٣٤١/ ٣.