أقسام الجناس
  مِنَ الْحَيِّ}[الروم: ١٩]، وقوله ﷺ(١): «جار الدار أحق بدار الجاره»، ومن ذلك قول علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - من كتاب كتبه إلى عبد الله ابن عباس: (أما بعد، فإن الانسان يسره درك ما لم يكن ليفوته، ويسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه، فلا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة بطول أمل).
  وحكي عن أبي تمام أنه لما قصد عبد الله بن طاهر بخراسان وامتدحه، أنكر عليه أبو سعيد الضرير وأبو العميثل، وقالا له: مالك تقول ما لا يفهم؟ فأجابهما على الفور: لم لا تفهمان ما يُقال؟(٢)
  ***
  وأخيراً فإن العلماء أضافوا إلى الجناس لوناً سموه «المزدوج» أو المردَّد، أو المكرَّر. وهو يقوم على ترديد كلمتين متجانستين، إحداهما مضمومة إلى الأخرى لغاية التتمة والتكملة لمعناها.
  ومن أمثلة هذا اللَّون قولهم من جَدَّ وجَد، ومن لجَّ ولج. وكقول أبي الفتح البستي(٣):
  أبا العباس لا تحسب لشيبي ... بأني من حلا الأشعار عار
  فلي طبع كلال معين ... زلال من ذرى الأحجار جار
  إذا ما أثبت الأدوار زنداً ... فلي زند على الأدوار وار
  وكقول الحريري(٤):
  بني استقيم فالعود تنمي عروقه ... قويماً ويَغْشَاء إِذَا مَا الْتَوَى التَّوَى
  ولا تطيع الحرص المُذلَّ وَكُنْ فَتى ... إذا التهبت أحشوه بالطوى طوى
  وعاص الهوى المردي فكم من محلق ... إلى النجم لما أن أطاع الهوى هوى
  وكقوله تعالى: {وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ٢٢}[النمل].
(١) مسند احمد ٤/ ٢٨٨ و ٨/ ٥، ١٢، ١٣، ١٨.
(٢) الطراز ط/ ٣٧٠.
(٣) الطراز ٣٧٠/ ٢.
(٤) الطراز ٢/ ٣٦٤ ومقامات الحريري (المقامة السابعة والأربعون: الحجرية) ص ٥٤٧.