شجرة العين:
  أمَّا التَّشجير في الأدب فهو نوع من النَّظم يُجعل في تفرعه على أمثال الشجرة، وسُمَّي مشجراً لاشتجار بعض كلماته ببعض، أي تداخلها، وكلّ ما تداخل بعض أجزائه في بعض فقد تشاجر، وذلك أن يُنظم البيت الذي هو جذع القصيدة، ثم يفرَّع منه على كل كلمة تتمَّة له من نفس القافية التي نظم بها، وهكذا تكون من جهتيه اليمنى واليسرى، حتى يخرج منه مثل الشجرة، وإنَّما يشترط فيه أن تكون القطع مكملة كلّها من بحر البيت الذي هو جذع القصيدة، وأن تكون القوافي على روي قافيته أيضاً(١).
  وعرفه محمَّد بدر الدين الرَّافعي في كتابه «بديع التحبير شرح ترجمان الضمير» بقوله: نوع المشجَّر. وهو أن ينظم الشاعر بيتاً، يتم بالكلمة الأولى منه بيتا يرقُمه إلى الجهة العليا، ثم يقرأ البيت بتمامه ثم يبدل الكلمة الأخيرة، ثم الكلمتين الأخيرتين، ثم يقهقر على عكس منوال ما تقدٌم حتى يصل إلى أوَّل كلمة من البيت، فيتمها بيتاً، كل ذلك مع اتحاد البحر والروي وعدم التكلف(٢).
  ويبدو أن القدماء لم يعرفوا المشجَّر، بهذا الشكل الفنيٌ، وإنَّما عرفه رجال القرن الحادي عشر الهجري - السابع عشر للميلاد -.
  ويعلل مصطفى صادق الرافعي سبب تسميته بالمشجر فيقول: (ولعلّ أخذ هذه التسمية مما يسمونه بشجرة النسب، إذ هما متشابهان في الوضع، متَّفقان على الجملة في التَّرتيب، وهذه الكلمة «شجرة النسب» كانت مستعملة في القرن الرَّابع وما بعده، بدليل وجود بعض كتب في الأنساب مسماة بهذا الاسم(٣).
(١) تاريخ آداب العرب للرافعي ٤٤٥/ ٣.
(٢) بديع التحبير ص ٨٣ نقلاً عن البديعيات في الأدب العربي ص ٣٠٠.
(٣) الرافعي ٣/ ٤٤٥.