[من كلام الأرحبي نقلا من كتاب مخطوط]
  وقبائل بكيل: أرحب ومرهبة ونهم وشاكر.
  فهؤلاء الذين امتنعوا على ملوك حمير وتركوا ضياعهم أَنَفاً واتبعوا رباط الخيل واتخذوا بيوت الشعر في رؤوس الجبال، وأغاروا على حمير وغيرها، ولم يسمعوا لتُبّع ولم يطيعوا، ولم يؤدّوا الأتاوة، فصاروا عزاً لسائر همدان، فكان الرجل إذا جنى جناية لحقَ بهم، فلم يُطمع فيه، وإذا أغاروا على أحد من همدان أغاروا عليه وطلبوا بثأره، وهم أخرجوا مراد من الجوف.
  وذكر فيه أن أصحاب معاوية لما اشترطوا عليه العطاء والأموال - قال: وبلغ ذلك علياً # - فقام المنذر بن أبي حمضة الوادعي الهمداني - وكان فارس همدان وساعدها وكان له حالة عظيمة - فقال: يا أمير المؤمنين إن عَكَّا والأشعر طلبوا إلى معاوية الفرايض والعقارات، فباعوا الدين بالدنيا والهدى بالضلالة، وإنّا قد رضينا الآخرة من الدنيا، والعراق من الشام، وبك من معاوية، فوالله لآخرتنا أشرف من دنياهم، ولعراقنا خير من شامهم، وإن إمامنا خير(١) من إمامهم، فامتحنّا الصبر، واحْمِلْنا على الموت.
  وقالوا في ذلك شعراً:
  إن عكّاً سألوا الفرايض والأشـ ... ـعر سألوا جوائز بثنيهْ(٢)
  تركوا الدين للعقار وللفر ... ض فكانوا بذاك شرّ البريهْ
  وسألنا حسن الثواب من اللـ ... ـه وصبراً على الجهاد ونيّهْ
(١) في شرح النهج: أهدى من إمامهم.
(٢) جوائز البثنية: منسوبة إلى بثنة قرية بالشام. تمت شرح نهج.