[من كلام الأرحبي نقلا من كتاب مخطوط]
  وقوف تنظرون، أما تخافون المقتَ من الله، ثم قال: صدق الشاعر الذي يقول:
  كأنَّ دماءَ القوم ماءُ سحابةٍ ... بأيدي كماة بل هي اليوم أكثرُ
  ثم سلَّ علي سيفَه واقتحم يضرب في عكّ ولخم حتى خرق الصفوف وأزال أصحاب الحجف عن مواضعهم وهو يقول:
  ومبتهج بالموت ما أن يرى له ... عن الفتية الماضين بالأمس مقعدا
  قال: وتنافسوا القتالَ مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه، فلم يزالوا يقتتلون حتى أدركهم الليل، فقالت همدان: إنا والله يا معشر عكٍّ لا ننصرف حتى تنصرفوا.
  قال: فبعث معاوية إلى عكّ أن انصرفوا، فأجَلَوا يومهم ذلك عن أربعة آلاف قتيل. قال: ثم حمل عمر بن الحصين السكوني على أمير المؤمنين ¥ وهو غافل فلما كاد الرمح أن يناله استعرضه سعيد بن قيس الهمداني فقصمَ ظهره بالرمح، فنادى الناس: الفارس خلفك يا أمير المؤمنين، فالتفتَ علي # فإذا هو صريع، فقال في ذلك سعيد بن قيس - وقد كان قتلَ الشمرخ فارس ذي رعين -:
  لقد فُجِعَتْ بفارسها رَعِين ... كما فُجِعَتْ بفارسها السكونُ
  غداة أتى أبا حسن علياً ... ووسْط النقع مردان طحونُ
  فأطعنه وقلتُ له خُذَنْهَا ... مسوَّمة تحف لها القطينُ
  أقول له ورمحي في صلاه ... وقد قرَّت لمصرعه العيونُ
  ألا يا عمرو عمرو أبي حصين ... وكلّ فتى ستدركه المنونُ