(فصل) في بيان وجوبه بالاستطاعة وأركانها
(كِتَابُ الْحَجِّ)
  (فَصْلٌ) إنَّمَا يَصِحُّ مِنْ مُكَلَّفٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ بِنَفْسِهِ، وَيَسْتَنِيبُ لِعُذْرٍ مَأْيُوسٍ، وَيُعِيدُ إنْ زَالَ.
  (فَصْلٌ) وَيَجِبُ بِالِاسْتِطَاعَةِ فِي وَقْتٍ يَتَّسِعُ لِلذَّهَابِ وَالْعَوْدِ مُضَيَّقاً إلَّا لِتَعْيِينِ جِهَادٍ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ دَيْنٍ تَضَيَّقَتْ فَتُقَدَّمُ وَإِلَّا أَثِمَ وَأَجْزَأَ، وَهِيَ صِحَّةٌ يَسْتَمْسِكُ مَعَهَا قَاعِداً، وَأَمْنُ فَوْقِ مُعْتَادِ الرَّصَدِ،
(فَصْلٌ) في شروط صحته
  (إنَّمَا يَصِحُّ مِنْ مُكَلَّفٍ) خرج المجنون والصبيُّ (حُرٍّ) خرج العبد فلا يجب عليه حتى يعتق (مُسْلِمٍ) خرج الكافر فلا يصح منه، وإنَّما يصح من المسلم (بِنَفْسِهِ) فلا يصح أن يحج عنه غيره (وَيَسْتَنِيبُ) أي يتخذ له نائباً إذا كان (لِعُذْرٍ مَأْيُوسٍ) كالشيخ الكبير الذي لا يثبت على الراحلة (وَيُعِيدُ) الحجَّ (إنْ زَالَ) ذلك العذر المأيوس.
(فَصْلٌ) في بيان وجوبه بالاستطاعة وأركانها
  (وَيَجِبُ) الحجُّ (بِالِاسْتِطَاعَةِ) التي شرطها الله في القرآن إذا حصلت (فِي وَقْتٍ يَتَّسِعُ لِلذَّهَابِ) للحج في وقته (وَالْعَوْدِ) فيجب أداؤه (مُضَيَّقاً) بمعنى أنه لا يجوز له تأخيره، فإن أخره كان عاصياً (إلَّا) أن يؤخره (لِتَعْيِينِ) أحد هذه الأشياء: (جِهَادٍ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ دَيْنٍ تَضَيَّقَتْ) فيتضيق الجهاد بتعيين الإمام أو معرفة الشخص عدم استغنائه عنه، والقصاص حيث كان الورثة كباراً حاضرين، والنكاح حيث يخشى الإنسان الوقوع في المعصية، والدَّين بالمطالبة (فَتُقَدَّمُ) هذه الأشياء إذا تضيقت (وَإِلَّا) يقدمها (أَثِمَ وَأَجْزَأَ) الحجُّ (وَهِيَ) أي الاستطاعة ثلاثة أركان (صِحَّةٌ) في الجسم (يَسْتَمْسِكُ مَعَهَا) على الراحلة أو المحمل ونحوه (قَاعِداً) من غير ممسك وإلا لم يجب (وَأَمْنُ) الطريق بحيث لا يخشى على نفسه وزاده ومركوبه تلفاً ولا ضرراً، وكذا أمن (فَوْقِ مُعْتَادِ الرَّصَدِ(١)) ويكفي الظن في ذلك، فأما ما يعتاد من الجباية فلا يسقط الوجوب ...
(١) الرَّصَدُ: جمع راصد وهم الذين يحفظون الطريق بأجرة من المارَّة، تمت معلقاً.