(فصل) في مناسك الحج
  (فَصْلٌ) وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ مُقَارِنَةً لِتَلْبِيَةٍ أَوْ تقْلِيدٍ وَلَوْ كَخَبَرِ جَابِرٍ، وَلَا عِبْرَةَ بِاللَّفْظِ وَإِنْ خَالَفَهَا، وَيَضَعُ مُطْلَقَهُ عَلَى مَا شَاءَ إلَّا الْفَرْضَ فَيُعَيِّنُهُ ابْتِدَاءً، وَإِذَا الْتَبَسَ مَا قَدْ عَيَّنَ أَوْ نَوَى كَإِحْرَامِ فُلَانٍ وَجَهِلَهُ طَافَ وَسَعَى مُثَنِّياً نَدْباً نَاوِياً مَا أَحْرَمَ لَهُ، وَلَا يَتَحَلَّلْ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ نِيَّةً مُعَيِّنَةً لِلْحَجِّ مِنْ أَيِّ مَكَّةَ مَشْرُوطَةً بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَحْرَمَ لَهُ، ثُمَّ يَسْتَكْمِلُ الْمَنَاسِكَ كَالْمُتَمَتِّعِ، وَيَلْزَمُهُ بَدَنَةٌ وَشَاةٌ وَدَمَانِ وَنَحْوُهُمَا لِمَا ارْتَكَبَ قَبْلَ كَمَالِ السَّعْيِ الْأَوَّلِ،
  (فَصْلٌ):
  (وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ) الإحرام (بِالنِّيَّةِ) وهي إرادة الإحرام بالقلب (مُقَارِنَةً لِتَلْبِيَةٍ) ينطق بها حال النية، ويكفي لَبَّيْكَ (أَوْ تقْلِيدٍ) للهَدْي (وَلَوْ) فعل في عقد إحرامه (كَخَبَرِ جَابِرٍ) وذلك بأن يبعث بهديٍ مع قومٍ ويأمرهم بأن يقلدوه في وقت يعينه لهم فيصير مُحْرِماً من وقت تقليده إذا نوى فيه الإحرام (وَلَا عِبْرَةَ بِاللَّفْظِ وَإِنْ خَالَفَهَا) أي النية، يعني أنَّ العبرة بما نواه بقلبه لا بما لفظ به (وَيَضَعُ مُطْلَقَهُ عَلَى مَا شَاءَ) من حجٍّ أو عمرةٍ نفلاً وذلك إذا نوى الإحرام وأطلق ولم يذكر ما أحرم له نحو أن يقول: «اللَّهُمَّ إنِّي مُحْرِمٌ لَكَ» (إلَّا الْفَرْضَ فَيُعَيِّنُهُ) للنيَّة (ابْتِدَاءً) أي عند ابتداء الإحرام، وإلا صار كالمطلق (وَإِذَا الْتَبَسَ) عليه (مَا قَدْ عَيَّنَ أَوْ نَوَى) أنه محرم (كَإِحْرَامِ فُلَانٍ) من حجٍّ أو عمرةٍ أو قران (وَجَهِلَهُ) أي لم يعلم ما أحرم له فلانٌ (طَافَ وَسَعَى) وجوباً لجواز أن يكون قارناً أو متمتعاً لأنه يجب عليهما تقديم طواف العمرة وسعيها (مُثَنِّياً نَدْباً) لأنه يستحب للقارن تقديم طواف القدوم والسعي ويكون في ذلك (نَاوِياً مَا أَحْرَمَ لَهُ) على سبيل الجملة (وَلَا يَتَحَلَّلْ) عقيب السعي بحلقٍ ولا تقصيرٍ؛ لجواز كونه قارناً أو مفرداً (ثُمَّ) بعد السعي (يَسْتَأْنِفُ نِيَّةً مُعَيِّنَةً لِلْحَجِّ) كأنَّه مبتدئٌ للإحرام، وتجزيه عن حجة الإسلام، وتكون نيته (مِنْ أَيِّ مَكَّةَ مَشْرُوطَةً) تلك النية (بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَحْرَمَ لَهُ) فيقول في إحرامه: «اللَّهُمَّ إِنِّي مُحْرِمٌ بِالحَجِّ إِنْ لَمْ أَكُنْ مُحْرِماً بِه» (ثُمَّ يَسْتَكْمِلُ الْمَنَاسِكَ كَالْمُتَمَتِّعِ) أي يفعل كما يفعل المتمتع مؤخِّراً لطواف القدوم (وَيَلْزَمُهُ بَدَنَةٌ) لجواز كونه قارناً (وَشَاةٌ) لترك السَّوق (وَدَمَانِ وَنَحْوُهُمَا) من الصيام والصدقات (لِمَا ارْتَكَبَ) من محظورات الإحرام (قَبْلَ كَمَالِ السَّعْيِ الْأَوَّلِ) لجواز كونه قارناً، والمذهب أنه لا تلزمه البدنة ولا الشاة؛ لجواز كونه مفرداً ولا الدمان لأن الأصل براءة الذمة ...