(فصل) في بيان الحلف بالطلاق
  (فَصْلٌ) وَلَا يَجُوزُ التَّحْلِيفُ بِهِ مُطْلَقاً، وَمَنْ حَلَفَ مُخْتَاراً أَوْ مُكْرَهاً وَنَوَاهُ حَنِثَ الْمُطْلِقُ لَيَفْعَلَنَّ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْفِعْلِ، وَالْمُؤَقِّتُ بِخُرُوجِ آخِرِهِ مُتَمَكِّناً مِنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ وَلَمْ يَفْعَلْ، وَيَتَقَيَّدُ بِالِاسْتِثْنَاءِ مُتَّصِلاً غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ وَلَوْ بِمَشِيئَةِ الله تَعَالَى أَوْ غَيْرِهِ فَيُعْتَبَرُ الْمَجْلِسُ، وَغَيْرُ وَسِوَى لِلنَّفْيِ،
(فَصْلٌ) في بيان الحلف بالطلاق
  (وَلَا يَجُوزُ التَّحْلِيفُ بِهِ) أي بالطلاق يميناً مركبةً من شرطٍ وجزاءٍ (مُطْلَقاً) أي سواء كان المحلِّف الإمام أم الحاكم أم غيرهما (وَمَنْ حَلَفَ) بالطلاق ونحوه (مُخْتَاراً) صح طلاقه (أَوْ) حلف (مُكْرَهاً وَنَوَاهُ) فإنها تنبرم يمينه ويصح طلاقه فمن حلف كذلك (حَنِثَ الْمُطْلِقُ) يعني وقع طلاقه، والمطْلِقُ هو الذي لم يقيد المحلوفَ عليه بوقتٍ كأن يحلف (لَيَفْعَلَنَّ) كذا وإلا فامرأته طالق (بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) أي أحد الزوجين (قَبْلَ الْفِعْلِ) لذلك إنْ كان مقدوراً وقد تمكن من البر والحنث معاً أو بعزمه على ترك الفعل (وَ) يحنث (الْمُؤَقِّتُ) وهو الذي ضربَ للفعل وقتاً لفظاً أو نيةً مع المصادقة (بِخُرُوجِ آخِرِهِ) أي آخر ذلك الوقت (مُتَمَكِّناً مِنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ) معاً غيرَ ممنوعٍ منهما ولا مُلْجَأٍ إليهما (وَلَمْ يَفْعَلْ) ذلك الفعل الذي حلف عليه نحو أن يقول زوجتي طالق إن لم أدخل الدار يوم الجمعة فخرج يوم الجمعة ولم يدخلها وهو متمكن من البر والحنث فتطلق امرأته، فأما لو خرج وهو زائل العقل بالجنون أو الإغماء أو النوم فلا يحنث (وَيَتَقَيَّدُ) الطلاق (بِالِاسْتِثْنَاءِ) ولو بالنية مع المصادقة نحو أن يقول أنت طالق إنْ كلمتِ زيداً إلا ضاحكةً فلا تطلق إذا كلَّمَتْه ضاحكةً وإنما يصح الاستثناء بشرط أن يكون (مُتَّصِلاً) بالجملة الأولى إلا لنفَسٍ أو بلعِ ريقٍ أو عطاسٍ (غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ) للمستثنى منه، فلو قال أنت طالقٌ واحدةً إلا واحدةً لم يصح الاستثناء وتقع واحدة (وَلَوْ) كان الاستثناء متعلقاً (بِمَشِيئَةِ الله تَعَالَى أَوْ) مشيئة (غَيْرِهِ) نحو أنت طالق إلا أن يشاء الله حبسَكِ، أو إلا أن يشاء أبوك (فَيُعْتَبَرُ الْمَجْلِسُ) قبل الإعراض في حصول المشيئة، لا في انتفائها فيقع في الحال في حق مشيئة الله تعالى ومشيئة غيره، وقد مرَّ ما تُعرف به مشيئة الله، وأما مشيئة الغير فبإقراره أنه قد شاء (وَغَيْرُ وَسِوَى لِلنَّفْيِ) نحو ما معي غيرُ عشرةٍ أو سوى عشرةٍ وإلَّا فامرأتي طالقٌ، فإنَّ غير وسوى يفيدان نفي ما زاد على العشرة، فإن كانت زائدةً وقع الطلاق، وأما إثبات العشرة فالعبرة بالعرف ...