(فصل) فيمن تجوز معاملته بالبيع والشراء وما يصح بيعه
  وَبَيْعُ كُلِّ ذِي نَفْعٍ حَلَالٍ جَائِزٌ وَلَوْ إلَى مُسْتَعْمِلِهِ فِي مَعْصِيَةٍ غَالِباً أَوْ وَاجِبٍ كَالْمُصْحَفِ وَمِنْ ذِي الْيَدِ، وَلَا يَكُونُ قَبْضاً إلَّا فِي الْمَضْمُونِ غَالِباً وَمُؤَجَّرٍ وَلَا تَنْفَسِخُ إلَّا أَنْ يُبَاعَ لِعُذْرٍ أَوْ مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ بِإِجَازَتِهِ، وَالْأُجْرَةُ لِلْمُشْتَرِي مِنَ الْعَقْدِ، وَمَجْهُولِ الْعَيْنِ مُخَيَّراً فِيهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً،
  (وَبَيْعُ كُلِّ ذِي نَفْعٍ حَلَالٍ جَائِزٌ) نحو دودة القزِّ وبيضه وكلِّ ما فيه منفعةٌ حلالٌ من الحيوانات، لا ما لا منفعة فيه كالهرِّ الوحشيِّ والخفاش والعقارب والحيات، أو فيه نفعٌ غيرُ حلالٍ كالمزامير والعود فلا يجوز بيعه، نعم ويجوز بيع كلِّ ذي نفعٍ حلالٍ (وَلَوْ) بِيْعَ (إلَى مُسْتَعْمِلِهِ فِي مَعْصِيَةٍ) إن لم يقصد بيعه للمعصية، نحو أن يبيع العنب إلى من يتَّخذه خمراً لكنه مكروهٌ، فإن قصد بيعَه للمعصية فمحظورٌ، وإنما يجوز ما تقدم (غَالِباً) احترازاً من بيع السلاح والكراع «أي الخيل والبغال ونحوه» والطعام والبارود والرَّصَاصِ فإنه لا يجوز بيعه إلى من يستعمله في حرب المسلمين من كافرٍ أو باغٍ (أَوْ) بِيعَ إلى من يستعمله في أمرٍ (وَاجِبٍ كَالْمُصْحَفِ) وكتب الحديث من المسلم، والثوبِ لمن يصلي فيصح بيعُه ويجوز.
  (وَ) يصح بيعُ الشيء (مِنْ ذِي الْيَدِ) كالمستعير والوديع والمستأجر والمرتهن والغاصب (وَلَا يَكُونُ) ثبوت يده عليه (قَبْضاً) بل لا بدَّ من تجديد القبض لصحة البيع (إلَّا فِي) الشيء (الْمَضْمُونِ) كالعاريَّة المضمونة والمستأجَر المضمون والرهن إذا كان صحيحاً، فإن ثبوت اليد عليها كافٍ في صحَّةِ قبضها (غَالِباً) احترازاً من المضمون بالتعدي كالمغصوب والمسروق إذا بيع من الغاصب والسارق فإنه يحتاج إلى تجديد قبضٍ، فإذا تلف المبيع قبل القبضِ فإنَّه يتلف من مال البائع (وَ) يصح بيع شيءٍ (مُؤَجَّرٍ) من المستأجِر وغيره (وَلَا تَنْفَسِخُ) الإجارة بل يستوفي المستأجر مُدَّتَهُ ثم يسلِّمُهُ (إلَّا أَنْ يُبَاعَ لِعُذْرٍ) نحو أن يحتاج إلى نفقة أولاده ولم يجد غيره (أوْ) يباع (مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ) ولو لغير عذرٍ (أَوْ) يباعَ (بِإِجَازَتِهِ) أي بإجازة المستأجر أو إذنه، فإن الإجارة تنفسخ في جميع هذه الأحوال (وَ) إن كانت لا تنفسخُ فـ (الْأُجْرَةُ) حيث لم يستثنِها البائعُ (لِلْمُشْتَرِي مِنْ) يَوْم (الْعَقْدِ) الصحيح، وأمَّا الفاسد فمن يوم القبض (وَ) يصحُّ بيعُ (مَجْهُولِ الْعَيْنِ مُخَيَّراً فِيهِ) لأحدهما أو لشخصٍ معينٍ (مُدَّةً مَعْلُومَةً) نحو أن يقول اشتريت مني شاةً من غنمي على أن تختار أيها شئت في ثلاثة أيام، فيصح البيع ...