لباب الأفكار في توضيح مبهمات الأزهار،

أحمد بن حسن أبو علي (معاصر)

(فصل) في بيان ما يكره من الأجرة ويحرم

صفحة 332 - الجزء 1

  وَيُضْمَنُ الْمُكْرَهُ مُطْلَقاً، وَمَحْجُورٌ انْتَقَلَ وَلَوْ رَاضِياً.

  (فَصْلٌ) وَتُكْرَهُ عَلَى الْعَمَلِ الْمَكْرُوهِ، وَتَحْرُمُ عَلَى وَاجِبٍ أَوْ مَحْظُورٍ مَشْرُوطٍ أَوْ مُضْمَرٍ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ غَالِباً، فَتَصِيرُ كَالْغَصْبِ إلَّا فِي الْأَرْبَعَةِ إنْ عَقَدَا، وَلَوْ عَلَى مُبَاحٍ حِيلَةً، وَإِلَّا لَزِمَ التَّصَدُّقُ بِهَا، وَيَعْمَلُ فِي ذَلِكَ بِالظَّنِّ؛ فَإِنِ الْتَبَسَ قُبِلَ قَوْلُ الْمُعْطِي وَلَوْ بَعْدَ قَوْلِهِ عَنِ الْمَحْظُورِ.


  (وَيُضْمَنُ) العبدُ (الْمُكْرَهُ) على العمل بغير إذن مولاه ضمانَ جنايةٍ حيث تلف تحت العمل أو بسببه (مُطْلَقاً) أي سواءً كان العبد محجوراً أم مأذوناً، صغيراً أم كبيراً، ولا بدَّ من الإنتقال أو التلف تحت العمل بسببه (وَ) يُضْمَنُ عبدٌ (مَحْجُورٌ انْتَقَلَ) ضمانَ غصبٍ لا إنْ كان في مكانه فضمان جنايةٍ إنْ تلف تحت العمل أو بسببه (وَلَوْ) كان العبد (رَاضِياً) لأنَّ انتقاله عن أمر المستعمل.

(فَصْلٌ) في بيان ما يكره من الأجرة ويحرم

  (وَتُكْرَهُ) الأجرة كراهةَ تنزيهٍ (عَلَى الْعَمَلِ الْمَكْرُوهِ) في الحرف الدنيَّةِ كالحجامة والفصادة والختان وكذا في كل ما جرت عادة الناس أنهم لا يعقدون عليه إجارةً صحيحةً في غير المحَقَّرِ (وَتَحْرُمُ عَلَى) أمرٍ (وَاجِبٍ) كالحكمِ من غيرِ الإمام والجهاد والأذان ونحوها (أَوْ مَحْظُورٍ) كأجرة الكاهن والبغيِّ والمغنية (مَشْرُوطٍ) عند دفع الأجرة (أَوْ مُضْمَرٍ) فإنها تحرم في الحالين (تَقَدَّمَ) فعل الواجب أو المحظور (أَوْ تَأَخَّرَ) عن دفع الجُعالة (غَالِباً) احترازاً من أن يفعل واجباً لا لمقابل جعالةٍ بل لوجوبه فيعطى بعد ذلك شيئاً لأجل عمله من باب البِرِّ فإنَّه يجوز له أخذه (فَتَصِيرُ) الأجرة في يد آخذها (كَالْغَصْبِ إلَّا فِي الْأَرْبَعَةِ) وهي أنه يطيب ربحه ويبرأ من ردَّ إليه ولا يتضيق الردُّ إلا بالطلب ولا أجرة إن لم يستعمل (إنْ عَقَدَا) أي إن صرَّحا أنها على الواجب أو المحظور (وَلَوْ) عُقِدَ (عَلَى مُبَاحٍ حِيلَةً) في التوصل إلى المحظور نحو أن يستأجر المغنية للخدمة والمعلوم عندهما أنه لا يُعطي المال إلا لأمرٍ محظورٍ كالغناء (وَإِلَّا) يكن ثَمَّ تصريحٌ بالأجرة بل أضمراها معاً أو الدافع فقط (لَزِمَ) الآخذَ لها (التَّصَدُّقُ بِهَا) لأنها صارت مظلمةً (وَيَعْمَلُ) الآخذ للجعالة (فِي ذَلِكَ بِالظَّنِّ) فإن غلب في ظنِّه أنها في مقابلة محظورٍ أو واجبٍ فإنها تحرم عليه وإن غلب في ظنه أنها ليست في مقابل شيءٍ من ذلك جاز له أخذها (فَإِنِ الْتَبَسَ) على الآخذ إن لم يحصل له ظنٌّ هل هي في مقابلة محظورٍ في ضمير المعطي أم لا (قُبِلَ قَوْلُ الْمُعْطِي) في ذلك عند الدفع وبعده (وَلَوْ بَعْدَ قَوْلِهِ عَنِ الْمَحْظُورِ) فإنه يقبل قوله إنها لا عن واجبٍ ولا عن محظورٍ.