لباب الأفكار في توضيح مبهمات الأزهار،

أحمد بن حسن أبو علي (معاصر)

(فصل) في صفات من يجوز تقليده

صفحة 25 - الجزء 1

  وَالْحَيُّ أَوْلَى مِنَ الْمَيِّتِ، وَالْأَعْلَمُ مِنَ الْأَوْرَعِ، وَالْأَئِمَّةُ الْمَشْهُورُونَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ $ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ؛ لِتَوَاتُرِ صِحَّةِ اعْتِقَادِهِمْ، وَتَنَزُّهِهِمْ عَمَّا رَوَاهُ الْبُوَيْطِي وَغَيْرُهُ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنْ إِيْجَابِ الْقُدْرَةِ، وَتَجْوِيْزِ الرُّؤْيَةِ، وَغَيْرِهِمَا،


  (وَالْحَيُّ) من المجتهدين بالأخذ عنه وتقليده (أَوْلَى مِنَ الْمَيِّتِ) مع الاستواء في العلم والورع (وَالْأَعْلَمُ) حيّاً كان أو ميتاً أولى (مِنَ الْأَوْرَعِ) لأنه يكون أهدى إلى الحق وأعرف بدرك الأدلة واستظهارها (وَالْأَئِمَّةُ الْمَشْهُورُونَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ $) بكمال الاجتهاد والعدالة كالإمام زيد بن علي والإمام القاسم بن إبراهيم والإمام الهادي يحيى بن الحسين وغيرهم (أَوْلَى) بالتقليد (مِنْ غَيْرِهِمْ) عندنا ندباً وقيل وجوباً (لِتَوَاتُرِ صِحَّةِ اعْتِقَادِهِمْ) فقد تواتر عمن ذكرنا من أئمة أهل البيت وأمثالهم أنهم قائلون بالعدل والتوحيد وتخطئة المجبرة والمجسمة ومنافحتهم، بل هم مجمعون على ذلك قديماً وحديثاً إلا الشاذ النادر في بعض العصور ولا عبرة به (وَتَنَزُّهِهِمْ) أي المشهورين من أهل البيت ومن حذا حذوهم كما قدمنا (عَمَّا رَوَاهُ) أبو يعقوب موسى بن يحيى (الْبُوَيْطِي) وهو من أصحاب الشافعي (وَغَيْرُهُ) كالمزني والربيع بن زياد، هكذا قال في حاشية الشرح (عَنْ غَيْرِهِمْ) يعني عن الشافعي وأبي حنيفة ومالك وأحمد بن حنبل، فأهل البيت منزهون عما رُوي عن هؤلاء (مِنْ إِيْجَابِ الْقُدْرَةِ) لِمقْدُورِها، فقد روي ذلك عن أبي حنيفة وأهل البيت ينزهونه عن هذا القول، وهو مذهب لجمهور المجبرة وبعض الحشوية يقولون: إن القدرة موجبة لمقدورها، يعني الفعل الحاصل بها ومقارنة له وغير صالحة للضدين، وهذا يستلزم الجبر ويبطل اختيار الإنسان، وعندنا أنها غير موجبة له بل إنما يوجد بها على جهة الاختيار وأنها متقدمة عليه وصالحة للضدين يعني الفعل والترك فوجود أحدهما دون الآخر باختيار الفاعل ليس إلا (وَتَجْوِيْزِ الرُّؤْيَةِ) على الله سبحانه يوم القيامة، رواه البويطي عن الشافعي وهو يستلزم التجسيم، وأهل البيت $ ينزهونه عن هذا القول (وَغَيْرِهِمَا) أي وغير هذين الخطأين كالتجسيم، فقد روي عن أحمد بن حنبل من طريق الحاكم وقد رده المصنف #، والقول بالمصالح المرسلة، بمعنى أن يُقْتَل الثُّلثُ لإصلاح الثلثين؛ فقد رُوي عن مالك، وقد نزهه الإمام المهدي عن ذلك والله أعلم.